اللغة العربية في الجزائر ظلمها كثير من الجزائريين قبل أن يظلمها غيرهم، فالاستعمار الفرنسي رغم مؤامراته على لغة الوحي إلا أن أجدادنا تمكنوا من المحافظة على هويتهم اللغوية بوسائلهم الخاصة رغم التحديات الكبرى، وبقيت العربية لغة القرآن في لهوات الجزائريين تأبى تضرعا أو أن تفنى..!
ثم جاء الاستقلال فمكّن للفرنسية بعض قومنا الذين لم يخرج الاستعمار من قلوبهم، فلم تعد العربية إلى سابق عهدها، أعلى مكانا، وأحسن حالا، قبل أن يجوس الفرنسيون المحتلون خلال الديار، وأن يسعوا إلى تصفية لغة القرآن ليفصلوا الجزائريين عن أمتهم الكبرى التي وحدتها هذه العناصر"الإسلام والعربية والجغرافيا"، لتخرج بعد ذلك دعوات ودعاوى"جاهلية"ترجو تمزيق بيد الشيطان ما وحدته يد الله...فغنمت "الفرنسية" في زمن الاستقلال، الذي لم يكتمل بعد، ما لم تغنمه في زمن الاحتلال..!
لقد ظلم كبراؤنا الجزائر باعتمادهم، في المنظومة التربوية والتعليمية، على اللغة الفرنسية، إذ أصبح "الفرنسيون" أنفسهم يفرون منها إلى اللغات الأخرى لأنهم أعلم بغيرهم ممن أصبحوا ملكيين أكثر من الملك بحقيقة انحصارها عالميا، وعدم قدرتها على منافسة اللغات الأخرى، وعلى رأسها غريمتها "الإنجليزية" التي توسعت جغرافيا، وارتقت درجة عالية بتحوّلها إلى لغة علمية وتواصلية بين الجنسيات المختلفة في العالم...
فالإنجليزية أكثر لغة انتشارا في"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]"، وحسب بعض الإحصائيات فإن أعداد المتحدثين بالإنجليزية كلغة أمّ لا يتجاوزون 322 مليون شخص، بيد أن أكثر من 1.2 مليار شخص يستعملون
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لغة ثانية، وأغلبهم يساهم في إثراء الساحة العالمية علميا وإبداعيا في مجالات مختلفة، ومشكلة الذين لا يتواصلون إلا باللغة الفرنسية أنهم لا يتمكنون من الوصول إلى المعلومات المتجددة في حينها إلا بعد وقت طويل لارتباطهم بـ"الترجمة" مما يجعلهم متأخرين عن اللحوق بالركب المتسارع الذي لا ينتظر أحدا ..
والغريب أن الجزائر ليست عضوا في المنظمة العالمية للفرانكفونية إلا أنها -حسب بعض التقارير الفرنسية الرسمية- أصبحت خزانا أساسيا للفرنسيين للمحافظة على لغتهم العجوز، وأن التعامل الجزائري الرسمي بها في الإدارة واتخاذها لغة حوار وتواصل يقر عين الفرنسيين الذين أعلنوا أن 52 جامعة جزائرية تتعاون في إطار الفرانكفونية وترقية اللغة الفرنسية، وهذا ما جعل السفير الفرنسي يعلن باعتزاز وافتخار –كما نقلت إحدى وسائل الإعلام-بـ" أن 11 مليون جزائري يتقنون اللغة الفرنسية في الجزائر، وبأن الجزائر بلد مهم للغة الفرنسية في العالم".
إن نشر الوعي بين الجماهير بأهمية احترام عناصر هويتنا، ومنها اللغة العربية، لغة القرآن، واجب ديني، وضرورة حضارية، إذ يجب أن يقوم على خدمتها بحق الأشخاص والمؤسسات، وعلى "السلطان" أن يتحمل مسؤولياته كاملة في الذود عن حياضها بالتمكين لها وترقيتها، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأي تقصير في حقها فمعنى ذلك أننا قصرنا في تثبيت عمود من أعمدة سقف وحدتنا الوطنية، وفرطنا في نعمة عظيمة تفتقدها بعض الأمم، وفتحنا بابا للشيطان وجنوده ليسلكوا سُبل التفرقة والشقاق في جزائرنا التي احتضنت "العربية" لا عن عصبية مقيتة، ولكن لفرط حب أهلها، على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، لله ورسوله وللإسلام...والمستقبل إن شاء الله للغة العربية..!
منقول