عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»
(رواه مسلم برقم (440). ).
-قوله: «خير صفوف الرجال أولها» أي: أكثرها أجرا وهو الصف الأول، الذي تصلي الملائكة على من صلى فيه، فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول»، قالوا: يا رسول الله وعلى الثاني؟ قال: «وعلى الثاني»
( رواه الإمام أحمد برقم (22259). وابن ماجة برقم (1000) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (997).).
والصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله والحث عليه، هو الصف الذي يلي الإمام, سواء جاء صاحبه متقدما أو متأخرا, وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا.
وقال بعض العلماء: الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه، لا يتخلله مقصورة ونحوها.
وقيل: الصف الأول عبارة عن مجيء المصلي إلى المسجد أولا، وإن صلى في الصف متأخرا.
ورجح النووي القول الأول، وقال في القولين الآخرين: (وهذان القولان غلط صريح) ( شرح صحيح مسلم (4/120).).
-قوله: «وشرها آخرها» وإنما كان شرها لما فيه من ترك الفضيلة الحاصلة بالتقدم إلى الصف الأول( الشوكاني، نيل الأوطار، (3/219).).
-قوله: «وخير صفوف النساء آخرها» إنما كان خيرها لما في الوقوف فيه من البعد عن مخالطة الرجال، بخلاف الوقوف في الصف الأول من صفوفهن فإنه مظنة لتعلق القلب بهم المتسبب عن رؤيتهم وسماع كلامهم، ولهذا كان شرها.
قال النووي في شرح الحديث: (أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبدا وشرها آخرها أبدا، أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا
صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها. والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك) ( شرح صحيح مسلم (4/120-121).).
ويؤخذ من هذا الحديث أن صلاة النساء صفوفا جائزة من غير فرق بين كونهن مع الرجال أو منفردات وحدهن( الشوكاني، نيل الأوطار، (3/219).