الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حال السلف في رمضان
عرف السلف الصالح قيمة هذا الشهر المبارك فشمروا فيه عن ساعد الجد واجتهدوا في العمل الصالح طمعا في مرضاة الله ورجاء في تحصيل ثوابه كما أنهم كانو ينتظرونه بشوق وقلوبهم صادقة ليكون شهر سباق إلى الله عز وجل وذلك بشتى القربات:
تعال نستعرض بعض أحوالهم وكيف كانت همّتهم وعزيمتهم وجدّهم في العبادة في هذا الشهر الفضيل ولنلحق بذلك الركب ونكون من المشمرين.
حال السلف مع القرآن:
حرص السلف رحمهم الله على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان:
كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ.
كان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.
كان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.
كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه.
كان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه.
قال أبي عوانة : شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان.
كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر.
كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.
حال السلف في الجود والكرم إذا أقبل رمضان:
كان ابن عمر رضي لله عنهما يصوم ولا يفطر إلاَّ مع المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجِفْنَةِ، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.
كان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمس مائة إنسان، وإنه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم.
يقول يونس بن يزيد: كان ابن شهاب إذا دخل رمضان فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.
حال السلف مع قيام الليل:
هناك الكثير من الأخبار عن اجتهاد السلف الأبرار في قيام الليل ومنهم:
كان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى ثم يقول: " اللهم إن جهنم لا تدعني أنام" فيقوم إلى مصلاه.
وكان طاوس يثب من على فراشه ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح ويقول : " طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين ".
قال أبو عثمان النهدي: تضيّفت أبا هريرة سبعاً فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً يصلي هذا ثم يوقظ هذا.
إذا ما الليـل أقبـل كابدوه فيسفـر عنهـم وهم ركــــــــوع
أطار الخوف نومهـم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم ركوع أنين منـه تنفرج الضلــــوع
عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: " كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر ". أخرجه مالك في الموطأ.
عن يزيد بن خصفة عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرؤون بالمائتين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان من شدة القيام . أخرجه البيهقي.
أحوال السلف مع الوقت:
قال الحسن البصري :
يا ابن آدم! إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك .
وقال : يا ابن آدم! نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك.
وقال : الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه وأما غداً فلعلّك لا تدركه وأما اليوم فلك فاعمل فيه.
قال ابن مسعود : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.
قال ابن القيم : إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
قال السري بن المفلس : إن اغتممت بما ينقص من مالك فابكِ على ما ينقص من عمرك.
حال السلف مع الطعام:
كان كثير من السلف يُؤثِر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل. وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه، فلم يفطر في تلك الليلة.
قال إبراهيم بن أبي أيوب: كان محمد بن عمرو الغزي يأكل في شهر رمضان أكلتين.
قال أبو السوار العدوي: " كان رجال من بني عديّ يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قَطُّ وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلاّ أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس وأكل الناس معه ".
حال السلف مع الإخلاص:
شهد ابن المبارك إحدى المعارك، فتقدم واحد من الكفار وطلب المبارزة، فخرج له أحد المسلمين، فقتله.. فخرج آخر فقتله أحد المسلمين.. ثم ظهر آخر، فخرج فارس ملثَّم وأخذ يقاتل الكافر حتى قتله. فأقبل عليه المسلمون، فشدَّ على لثامه، فجاء أحدهم وشدَّ اللثام فرأوه ابن المبارك، فغضب ابن المبارك وقال: "ما زلت تتبعنا حتى تفشي سرنا مع الله". فهو لم يفرح لمعرفة الناس بشجاعته.
بنى أحد الصالحين مسجدًا، فنُسب إلى الوكيل الذي أشرف على بنائه، فذهب بعض الناس وقالوا له: لماذا تسكت ولا تنسب المسجد إليك؟ فقال: لأن الذي بنيت لأجله المسجد يعلم.
حال السلف مع الدعاء:
قال معلى بن الفضل عن السلف رحمهم الله : 'كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم'.
قال يحي بن أبى كثير: 'كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً'.
هذه نماذج يسيرة من حال السلف الصالح في رمضان
فما هو حالنا في رمضان ؟
وزَوِّدْ نـَفـْسَـك َالخـَيـْرْ وَدَع ْ مَـا يُـعْـقِـبُ الضَّـيـرْ
وَهَـيِّـىء مَـركَبَ السَّـيـْرْ وَخـَف مِـنْ لـُجِّـةِ اليـَّـم
بـِـذا أُوصيتَ يَـا صـَاحْ وَقـَـد بُـحْتُ كـَمَـنْ بـَـاح ْ
فـَطـُوبَى لِـفــَتـىً راحْ بـِــآدَابــِيَ يَــــــــــــــأتـــَم