يشكو الطالب العراقي مصطفى ضياء ضعف مستواه في اللغة العربية ولا سيما في النحو، فاضطر إلى الاستعانة بمدرس خصوصي لأنه في العام الدراسي المقبل سيكون في الصف الثالث الثانوي، ويخشى أن يكون امتحان العربية سببا في انخفاض معدله الذي يؤهله للدخول إلى الجامعة. ويشاركه المشكلة الطالب أحمد علاء الذي يجيد الإنجليزية أكثر من العربية -كما يقول- لكنه يواجه صعوبة في الإملاء، ويجهل قواعد النحو واستخدام كان وإن، وأدوات النصب والجزم، وحاول الاستعانة بالتقنيات الحديثة عن طريق الكمبيوتر لتعلم دروس النحو، وبمساعدة أبيه توصل إلى معرفة استخدامات الأسماء الخمسة، ومتى يكون المعدود منصوبا أو مجرورا. وتعدى ضعف مستوى اللغة العربية لدى الطلبة في العراق الطالبين المذكورين، وهو يبدو ظاهرة في المدارس، إذ يشكو أستاذ مادة اللغة العربية في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد أثير محمد شهاب دائما من مستوى طلابه "فهم لا يجيدون كتابة الهمزة، ولا يميزون بين الضاد والظاء". وأرجع أسباب ذلك إلى اعتماد مناهج في الدراسة الابتدائية لا تضيف معارف جديدة للتلاميذ، مقارنة بمناهج كان يعدها أساتذة الجامعات وضعت في اعتبارها طرق اكتساب المعارف، ولا سيما في مادة اللغة العربية، وعندما ينهي الطالب المرحلة الابتدائية في ذلك الوقت يكون مؤهلا للدخول في دور المعلمين، وبعد ثلاث سنوات يتخرج معلما متسلحا بكل وسائل وطرق التدريس لتعليم التلاميذ وخاصة في المدارس الواقعة في الأرياف. أخطاء بالجملة ويبدي محمد حنون مدرس اللغة العربية -الذي عمل مصححا لغويا في أكثر من صحيفة محلية- تذمره من كثرة الأخطاء اللغوية لدى الصحفيين، ويقول إنه قدم إلى المسؤولين في جريدته قائمة بالأخطاء اللغوية التي يقع فيها الصحفيون لكنه لم يجد أذنا صاغية، ولوح بكتابة مقال يذكر فيه أسماء معروفة بأخطاء إملائية ونحوية وخاصة في كتابة الأعداد والأسماء الخمسة. ويقول حنون -الذي يعمل في التصحيح منذ أكثر من ثلاثين عاما- إنه يشعر بالحرج عندما يتصدر الخطأ الصفحة الأولى وبخط عريض فتعاقب إدارة الجريدة المصحح بقطع الراتب، وتمنح المحرر حصانة من العقوبة على الرغم من ارتكابه مجازر لغوية. أما الباحث رفعت عبد الرزاق فيرجع ظاهرة ضعف مستوى الطلبة في اللغة العربية إلى انحسار المؤسسات المعنية بالحفاظ على سلامة اللغة في السنوات الأخيرة، "خاصة المجمع العلمي العراقي الذي كان مرتبطا بديوان رئاسة الجمهورية ويتمتع بصلاحيات واسعة في تقديم المشورة والإشراف على اعتماد المناهج الدراسية المقررة في جميع المراحل الدراسية". كان وأوضح عبد الرازق أن المجمع كان الجهة المسؤولة عن تطبيق قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية الصادر منتصف عقد السبعينيات، وكانت قراراته وتوصياته ملزمة لوسائل الإعلام، باستخدام المصطلحات العربية بدلا من الأجنبية. ولمواجهة الحالة يدعو الكاتب سعد محمد رحيم الجهات المعنية إلى اعتماد خطة علمية لمعالجة الظاهرة بخطوات إجرائية تبدأ بإعادة النظر في المناهج المعتمدة في جميع المراحل الدراسية، والتركيز على معاهد المعلمين، في إعداد كوادر تمتلك مواصفات تؤهلها لتعليم النشء الجديد إجادة القراءة والكتابة. ولفت رحيم إلى انتشار ظاهرة الأمية في العراق وذكر أن التقارير الرسمية تشير إلى وجود أكثر من ستة ملايين أمي، فيما كانت اليونسكو مطلع عام 1980 قد أعلنت نجاح التجربة العراقية في القضاء على الأمية، "لكن الظروف التي مرت بها البلاد منذ ذلك الوقت خلفت أعدادا كبيرة من الأميين وخاصة بين الأعمار الصغيرة من الإناث والذكور".
منقول