اسكتش الهجرة النبوية الشريفة أتمنى أن ينال إعجابكم
=الفكرة العامة لهذا الاسكتش=
((حوار تعليمي بين شخصيتين رئيسيتين في الاسكتش وهما شيخ الجامع وطالب العلم عبد الحميد وتتخلل هذا الحوار لوحات أو ما نسميها بالمشاهد التمثيلية، وهذه اللوحات أو المشاهد عبارة عن تسليط ضوء على النقاط الأساسية للموضوع ))
فرغ المصلون من أداء الصلاة وأتى عبد الحميد لإمام المسجد وسلم عليه وبعد أن هنأه بتأدية فريضة الحج لهذه السنة قال له : يا شيخنا
لقد شاهدت ملصق الإعلان الذي أعده الشباب لإحيائهم احتفالية ذكرى الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وقد حضرتها واستمتعتُ كثيرا بفقراتهم لا سيما تك الفقرة التي تضمنت لكلمتك العصماء .
الشيخ : نعم يا ولدي وأرجو أن أكون وفقت فيها.. ..
عبدالحميد : لا بأس عليكم كفيت ووفيت يا شيخنا ،فعذوبة حديثكم وتسلسل أفكاركم لا يختلف فيها اثنان ....
. ولكن إن أذنت لي شيخنا معي بعض الاستفسارات حول هذه الحادثة العظيمة التي غيرت مجرى التاريخ وأصبح حدثها تاريخا ثابتا وتقويما للمسلمين إلى يوم يبعثون...
الشيخ : الحمدُ لله ، الحمدُ لله ، تفضل يا بني
عبد الحميد :هنا يا شيخنا قد يتساءل المرء ما سبب هذه الهجرة؟؟؟ وقد يتأثر أحدهم ويقول كقول من تغص به كتب المتكالبين على هذه الدعوة والذين قصدهم إطفاء نور الله، والله متم نوره ولو كره الكافرون - أن قريشا طردت المسلمين فخرجوا فارين إلى المدينة المنورة ، فما تعقيبكمــ على هذا يا شيخنا ؟
الإمام : بالطبع يا بني لم يكن هذا سبب الهجرة فالمنصف يعرف إن هدف قريش لم يكن الطرد لجماعة المسلمين وإنما كان القمع لهم والحبس وكتم أنفاس الدعوة في مكة حتى لا تنتشر هذه الدعوة مسرى النور في الظلم قال تعالى :- ((وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك))
عبد الحميد :أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة , ورأى النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم أنه هاجر من مكة إلى المدينة ورؤيا الأنبياء حق ، فعن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال رأيت في المنام أنى أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر, فإذا هي يثرب ..
الشيخ : نعم هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحة ,كتاب مناقب الأنصار :باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم...وخرج النبي بعد هذه الرؤيا مسروراً وقال :"قد رأيت دار هجرتكم وهى يثرب, فمن أراد أن يخرج فليخرج إليها"...وقال " إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها " ...فخرج الصحابة رضوان ربى عليهم أرسالا إلى المدينة فراراً بدينهم .
((اللوحة الأولى وهي تصف سبب الهجرة وفيها يظهر فيها رجلان يسلط الضوء عليهما بينما يكون الضوء خافتا بعض الشيء على الشخصيتين الرئيسيتين ))
الرجل الأول : لقد أذن الله سبحانه وتعالى للمصطفي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى يثرب أخيرا، وقد مهدت بيعتا العقبة الأولى والثانية السبيل لتكونَ المدينةُ المنورةُ مأرز الإيمان ، فلك الحمد والشكر يا الله لهذا الأمر الإلهي العظيم وعلى هذه النعمة الجليلة ،فقد كثر اضطهاد الكفار للمؤمنين كما حصل لآل ياسر و لخباب بن الأرت حيث كانوا يحرقون جسمه بالحجارة المحماة حتى بَلِيَ جلده وكما كانوا يفعلون بغيرهم من الصحابة حتى شكوا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم....
الرجل الثاني : نعم الحمد لله ، فلقد روى خباب بن الأرت شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا له: ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا فقال: (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له فيا لأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد لحمه وعظمه فما يصرفه ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون(
الرجل الأول : ولم ينتهي المشركون عن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً وقصة وضعهم لسلا جمل على رأسه وهو ساجد معروفة ٌ منشورة ٌ، وأتت ابنته فاطمة وكانت لم تزل جويرية، فطرحته عنه. ثم أقبلت عليهم تشتمهم. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم. وكان إذا دعا، دعا ثلاثا. وإذا سأل، سأل ثلاثا. ثم قال (اللهم! عليك بقريش) ثلاث مرات.فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك الذي اعتراهم عند وضع السلا على كتفيه الشرفين خوفا من دعوته. ثم قال (اللهم! عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن خلف،وعقبة بن أبي معيط وذكر رجلا آخر ، ولقد رأى الصحابة ُ والكفارُ الذين سماهم صلوات ربي وسلامه عليهم صرعى يوم بدر. ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر.
الرجل الثاني : ناهيك عن التآمر ليلة الهجرة لحبسه أو قتله في اجتماعهم في دار الندوة....
(( هنا عودة إلى عبد الحميد والشيخ ))
عبد الحميد : نعم يا شيخنا إلى غير ذلك من كيدهم أثناء تواجده بمكة المكرمة ، وحتى إبان إقامته في المدينة المنورة فقد تحالفوا مع اليهود ِوالمنافقين في المدينة النبوية . ومن نعم الله تعالى على المدينة النبوية أنها كانت تسمى يثرباً فأصبحت بدخوله فيها تسمى طيبة ، فلقد كانت محلا ً للأوبة وقلما دخلها أحد فسلم من حمّاها ووباءها، وقد مات لذلك الوباء فيها والد النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن لبث شهرا سقيما مع بني النجار يعانون سقمه وشكواه .
الشيخ : وهنا أيضا يسجل التاريخُ لنا درسا عظيما وهو إن الناس هم من يصنعون قداسة بلادهم كما هو حال المدينة المنورة مع أهلها الأنصار ، فالمدينة كانت مدينة ككل المدن لا أحد يقيم لها أيَّ اعتبارٍ زائد ٍ عما سواها من المدن فإذا هي الآن مهوى أفئدة الملايين باستجابتهم للدعوة الإسلامية أصبحوا مركز الدعوة وعاصمة الدولة لسنوات طويلة بينما لم تحظَ مكة على عراقة تاريخها بجزء بسيط من ذلك ..
عبد الحميد : نعم يا سيدي ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أكبر... لله درُّ أولئك الرجال الذين اشتروا الآخرة بالدنيا ...كانوا شموسا للعز والنصر أعز الله بهم دينه ...
الشيخ : نعم ، رضوان الله عليهم أجمعين هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين زكاهم الله تعالى في محكم كتابه بقوله : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً "(( يقرأها بترتيل ٍ وصوتٍ شجي ويختمها بصدق الله العظيم)) وثم يقول عبدالحميد : صدق الله العظيم ، ويستأنف الشيخ كلامه : هذا وقد وصفهم شاعر النبي صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه بقوله (( تقرأ هذه الأبيات بإلقاء جميل أو إنشاد أجمل )):
قومٌ إذا حاربوا ضروا عـدوّهم = أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محــدثة = إن الخلائق_فاعلم_ شرُّها البدع
إن كان في الناس سبّاقون بعدهمُ = فكل سبق لأدنى سبقهم تبــع
ولا يضنون عن مولى بفضــلهم = ولا يصيبهم في مطـــمع طبع
لا يجهلون وإن حاولت جهلـهم = في فضل أحلامهم عن ذاك مُتسع
أعفّةٌ ذكرت في الوحي عفتـهم = لا يطمعــون ولا يرديهم الطمع
كم من صديق لهم نالوا كـرامته = ومن عدوٍ علـيهم جاهد جدعوا
أعطوا نبي الهدى والبر طاعتـهم = فما ونى نصرهم عــنه وما نزعوا
أكرم بقوم رسول الله شيعتهـم = إذا تفرقت الأهواء والشـــيّع
((وهنا تبدأ اللوحة الثانية والتي تصف كيفية الهجرة و يظهر الرجلان مرة أخرى و الضوء مسلط عليهما بينما يكون الضوء خافتا بعض الشيء على الشخصيتين الرئيسيتين))
الرجل الأول : إيه ٍ يا عمر بن الخطاب يا من أعز اللهُ بك الإسلام استجابة ً لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يهاجر أحدٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا خفية ً سواك ... ( ينظر الرجلُ لصاحبه ويقول) : أتدري يا صاحبي لمّا همَّ عمر بن الخطاب بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما , واختصر عنزته (أي عصاه)ومضى قِــبَلَ الكعبة , والملأ من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعا ثم أتى وأتى المقام فصلى ركعتين , ثم وقف على الحِلِق واحدة احدة وكان المشركون يتجمعون حلقا حول البيت وقال لهم : شاهت الوجوه الله لا يرغم إلا هذه المعاطس, من أراد أن تثكله أمه أو يؤتم ولده , أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي ثم مضى لوجهه ."ولم يبقى بمكة أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن يستطيع الهجرة إلى المدينة إلا المدينة إلا هاجر إليها ,إلا من حبسه أهله ,أو كان مستضعفا , عديم الحيلة . ولم يهاجر أيضاً أبوبكر الصديق وعلى بن أبى طالب رضي الله عنهما بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لأبي بكر لا تعجل لعلَّ الله يجعل لك صاحبا ،وبقي عليٌّ ليردَّ الأمانات إلى أهلها.
الرجل الثاني : لله در هذه الأسود البواسل.. وتصف السيدة ُ عائشة هذا الموقف فتقول:"بينما نحن يوما جلوسٌ في بيت أبى بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبى بكر: هذا رسول الله متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها(لأنه كان من عادته صلى الله عليه وسلم يأتي لبيت أبى بكر مرتين في اليوم بكرة وعشية)فقال أبو بكر:فداء له أبى وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر....قالت:فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستأذن فأذن له , فدخل , فاستأ خر أبو بكر عن السرير حتى جلس عليه , فقال لأبى بكر" أخرج من عندك" فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله..
قال النبي:"فإني قد أذن لي في الخروج" فقال أبو بكر وهو يبكى من الفرح: الصحبة يا رسول الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"نعم" قالت عائشة : فوا لله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكى من الفرح حتى رأيتُ أبا بكر يبكى يومئذ!!
ثم قال أبو بكر:فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله "بالثمن"
(( عودة إلى الشيخ وطالب العلم عبد الحميد))
الشيخ : وتعلمُ قريشٌ بالأمر فاجتمعوا وتشاوروا خاصة ً لما رأوا أن للمصطفي صلى الله عليه وسلم حظوة وأنصارا من غير بلادهم ومازالوا يتشاورون فيما يصنعون في أمره...ويقترحون أمورا عدة حتى تلبس لهم الشيطان في صورة رجل ولم يوافقهم عليها حتى اقترح أبو جهل بن هشام وقال: والله إن لي فيه رأيا لم أركم وقعتم عليه بعد ,قالوا : وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة شابا , فتى جليدا نسيبا وسيطا فينا, ثم نعطى كل فتى منهم سيفا صارما, ثم يعمدوا إليه فيضربونه به ضربة َ رجل واحد, فيقتلونه فنستريح منه ,فأنهم إذ فعلوا ذلك تفرق دمُهُ في القبائل جميعا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منّا بالعقل – الدية - فعقلناه لهم...فقال إبليس: القول ما قال الرجل , هذا الرأي لا رأى غيره, فتفرق القومُ على ذلك وأجمعوا عليه ..
عبد الحميد : وتدخلت العناية الربانية وجاء جبريل بالوحي من عند ربه سبحانه وتعالى فأخبره بمؤامرة المشركين له , وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة , وأمره بالهجرة من مكة إلى المدينة ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .." وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ...(ثم واصل عبد الحميد أسئلته وقال) :- شيخنا ذكرنا عن تلك الإعدادات والتخطيط التي حدثت ليلة الهجرة الشريفة :
الشيخ : نعم يا بني ، لقد تضافرت جهودُ الجميع ِ ، فهناك مشاركة فعالة من النساء ؛ فهذه ابنتي أبي بكر رضي الله عنهم أسماء وعائشة اشتركتا في تجهيز السفرة التي سيأخذها المهاجران , ووضعتاها في جراب , فلما أرادتا ربط فم الجراب لم تجدا شيئا فشقت السيدة أسماء نطاقها فربطت فم الجراب بنصفه وانتطقت بالآخر فلذلك سميت ذات النطاقين أو ذات النطاق وهي التي لطمها أبو جهل على وجهها فاسقط قرطها لما هجم عليهم البيت باحثا عن أبيها.
عبد الحميد : واستسمحك عذرا يا شيخنا في ذكر دور الموالي وخصوصا عامر بن فهيرة مولى أبى بكر رضي الله عنه حيثُ كان يرعى في رعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبى بكر فاحتلبا وذبحا , وإذا عبد الله بن أبى بكر غدا من عندهما إلى مكة أتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه.
الشيخ : ومن الاستراتيجيات أيضا استئجار دليل خبيرٌ بمسالك الصحراء ودروبها ليؤمن الطريق , ويُعَمِّي الطريق على القوم عبد الله بن أريقط والذي كان مشركا وأسلم بعد ذلك. ومنها
تخير رسول الله صلى الله عليه وسلم للغار الذي يأوون إليه , تخيروه جنوبا في اتجاه اليمن تضليلا للمطاردين من الكفار.
بقاؤهما في الغار ثلاثة أيام حتى فتر حماس المشركين ويأسوا من إدراكهما..
توجه رسول الله (صلي الله عليه وسـلم) بصحبة أبي بكر الصديق إلى غار ثور و هو على ثلاثة أميال من جنوب غربي مكة المكرمة. و لما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي (صلي الله عليه وسلم): "مكانك يا رسول الله أستبرئ لك الغار."
و دخله أبو بكر و جعل يسد الأحجار كلها، فبقى منها جحر واحدة ألقمه كعب رجله، ثم نادى رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، فدخل عليه الصلاة و السلام و وضع رأسه في حجر أبي بكر الصديق و نام لشدة ما اعتراه من تعب.
و لدغ أبو بكر رضي الله عنه من ذلك الجحر الذي وضع عليه رجله، فلم يتحرك لئلا يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، و لكن دموعه سقطت من شدة الألم على وجه رسول الله (صلي الله عليه وسـلم) فانتبه عليه السلام، و قال لأبي بكر الصديق:
"مالك؟" قال : "لدغت فداك أبي و أمي"، فوضع عليها من ريقه الشريف فزال الألم.
( اللوحة الثالثة : يدخل الرجلان ويسلط الضوء عليهما بينما الضوء الخافت على الشخصيتين الرئيسيتين ))
الرجل الأول : و لما أصبحا قال النبي (صلي الله عليه وسـلم) لأبي بكر الصديق : "أين ثوبك؟"، فأخبره أنه مزقه و وضعه في الجحور، فرفع النبي (صلي الله عليه وسـلم) يديه و قال: "اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي في الجنة((
الرجل الثاني : و لما علم المشركون بخروج رسول الله (صلي الله عليه وسـلم) و أبي بكر الصديق، ذهبوا في طلبهما كل مطلب، و جعلوا لمن ردهما مائة من الإبل الذي هما فيه، و جعلوا يمرون من باب الغار و لا يرونهما، فلم يدخلوه إذ رأوا على بابه نسيج العنكبوت، كما رأوا حمامتين قد عششتا على بابه، و كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرى القوم فيعتر الخوف على رسول الله (صلي الله عليه وسـلم) و كان عليه الصلاة و السلام يطمئنه و يقول:"لا تحزن إن الله معنا."
الرجل الأول : ونأخذ من قصة سراقة وتبشير المصطفي صلى الله عليه وسلم له بسواري كسرى عبرة ودرسا عظيما قد يغفلُ الجميع عنهُ وهنا نقطة هامة أن في ظل ما نعتقده أزمات ومواقف صعبة وعثرات نجد بين ثناياها البشارة ، فقد بشر المصطفي صلى الله عليه وسلم أمته بآفاق لا منتهى لها في ظلِّ المواقف الحرجة كما حدث في قصة سراقة ، وقصة العقبة التي اعترضت المسلمون في حفر الخندق فأمسك صلى الله عليه وسلم المعول وضربها ثلاث ضربات في كل ضربة بشر المسلمين بثلاث بشارات ..
(( وهنا يضئ الضوء على الكلِّ فيقول عبدالحميد )) :- وفي طريق الهجرة مرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر الصديق في طريقهما بأم معبد الخزاعية وأرادا ابتياع لحم ٍ أو لبن منها فلم يكن خباؤها لشئ من ذلك فنظر صلى الله عليه وسلم إلى شاة قد خلفها الجهد عن الرعية فاستأذنها في حلبها فأذنت وقالت لو كان بها شئ لأصبناه ، فمسح الضرع عنها صلى الله عليه وسلم ودعا الله مولاه ووليه فدرت وحلب وسقى كلا من القوم وأرواه، إلى غير مما حصل من معجزات وآيات بينات في الهجرة النبوية الشريفة .
(( الختام يؤدي الجميع هذه الفقرتين الشعرتين أداء منفردا للفقرة ألف وأداء إنشاديا جماعيا أو إنشادا مقسما للفقرة باء ))
:::أ:: = قد نال مولانا العتيقُ مكانة ً = في الذكر والتاريخ ِ والإيمان
يا خيمة ً قد أمَّها خيرُ الورى = ورفيقُهُ في الغار نلت مثاتي
تيهي على كل القصور وفاخري = بمحمد ٍ هُوَ سيد الأكوان
وتحدثي عن أمِّ معبد ٍ قصة ً = فالشاةُ تشهدُ للورى ببيان
لما دعاها المصطفي درّت له = لبنا زلالا سائغا بأواني
واتى المدينة ثان ش عشر ٍ مشرقا = كالفجر لاح لمقلة السهران
:::ب:: = طلع البدر علينا = من ثنيات الوداع
ووجب الشكر علينا = ما دعا لله داع
***********
بزغ البدرُ علينا = وسما في كلِّ مطلعْ
فملا النورُ النواحي =والدجى والشركُ ودَّعْ
بعث اللهُ إلينا = مَنْ بِهِ المكروهُ ندفعْ
فلربي كلُّ شكر ٍ= وأكُفَّ الحمدِ نرفعْ
مذ أتى خير البرايا = والهدى في كل مربع
والذي قد تاه كبرا= قد أتى للحق يركع
وكذا أرضٌ قفارٌ = صارَ فيها الماء ينبعْ
ومياه ٌ جاريات ٌ = لم تعدْ للكفر ِ مطمعْ
خمدت نارُ مجوس ٍ = وبِنا الشرك تصدع (1)
أبرهٌ قد عاد خائبْ = لم يعدْ بالبيت يطمعْ
كم أمور ٍ معجزات ٍ = شاهدات ٍ للمشفعْ
بيّنات ٍ واضحات ٍ= مثلِ ضوء الشمس تسطعْ
قاد للمجدِ شعوبا = لم تكنْ في المجد تسجعْ
وأقام الحق شرعا = وفلول الشرك زعزَع ْ
خضعت رومٌ وفرسٌ = لم تكن للغير تخضع
بشرت وحشُ الفلاة = بك ذا الجاه المُرَفَّع ْ
وقصورُ الشام تجلت = اصبحت للبيت تلمعْ
يا أخا الاسلام طوبى = للذي في النور يرتع
أو أتى يرجو نوالا= أو عطاء فيه يكرع ْ
أنتمُ نور الهدايه = قدركم قدر مُرَفَّعْ
أنتمُ طيب ٌ وطهر ٌ= أنتمُ للجود منبعْ
يا إله الكون ربي = شملنا بالمصطفي اجمعْ
واجعل اللقيا ببيت ٍ = وارحمن قلبيْ المولع
واختم ِالعمر بتوب ٍ = وبحسن الختم فاطبعْ
وصلاة ٌ وسلام ٌ= ما بدا نورٌ بمطلعْ
للنبي خير الأنام = من بأمر الله يصدع ْ
وكذا آل كرام = عنهمُ السوء يدفعْ
(( ويختم العرض والاسكتش بترتيل شجي لقوله تعالى :
" إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (التوبة، 40)))
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
=
1- بنا :من البناء وحذفتُ الهمزة للثقل ومراعاة للوزن والأبيات في الفقرتين أ و ب من كلمات جاسم القرطوبي))
المراجع :
القرآن الكريم
الصحيح من أحاديث الهجرة النبوية من سيرة ابن هشام وغيره .
ديوان الصحابي الجليل حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه
ديوان آهات وأشجان شاعر مقاعسة جاسم القرطوبي عفا الله عنه