حدث يتكرر كل عام حتى ألفه الناس ورغم تكراره إلا أنه يُحدث الهلع و يبعث على الخوف فترى جل الناس وأكثرهم قد ارتسم على قسمات وجوههم أثار الهم و سمات القلق وكلما اقترب موعد ذلك الحدث زادت مؤشرات الخوف ودواعي القلق وهو حدث لا ينتهي بساعة أو بضع ساعات ولاينتهى بيوم أو يومين بل يستغرق أياماً متتالية حدثٌ أشغل الصغار والكبار والذكران والإناث والآباء والأمهات والإخوان و الأخوات فكل واضع يده على قلبه من فواجع ذلك الحدث والناس مابين خائف وجل ومستبشر حذر .
ما هو هذا الحدث الذي شغل حياة الناس و شل حركتهم ؟ فالتزم كثير من الناس بيوتهم ،فالشوارع قد خلت من مرتاديها والملاعب قل عاشقوها والأسواق تشكو من ضعف مبتاعيها
إنه (الاختبار) حدث يحتاج منا إلى وقفات لأنه معطف خطير في حياة الأبناء بل في حياة المجتمعات فالنجاح يسهم في رقي المجتمع و تنميته و الفشل يزيد من نسبة البطالة و كثرة العاطلين و يسهم في إهدار أعظم طاقة تمتلكها الأمة ألا و هي الطاقة البشرية و لذا كان لنا هذه الوقفات :
الوقفة الأول :
توجه إلى ولى الأمر إلى حارس القلعة ربان السفينة المربي الأول إليك أيها الأب تذكر أخي أنا الأبناء أمانة قال تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72 و قال النبي صلى الله عليه وسلم {{ كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته فالأب راع في أهل بيئة ومسؤول عن رعيته }} وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم {{من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لرعية إلا لم يرح رائحة الجنة }}
أخي إن الوعيد شديد وإن الأمانة عظيمة فعليك أن تولي هذه الأمانة جل اهتمامك و رعايتك وإليك بعض التوجهات :
1/ فرغ نفسك في هذه الأيام لأبنائك وأحرص على متابعتهم وتشجيعهم على الجد والمذاكرة و ذلل لهم الصعاب قم بالمراجعة لهم و المناقشة .
2/ احرص على تشجيع الأبناء على تحقيق النجاح و عزز فيهم الثقة بالنفس والقدرة على التميز والنجاح وأن من ضاعف الجهد لابد أن يحصد النجاح .
3/ أغرس فيهم تقوي الله ومرا قبته سبحانه وحثهم على ذلك وذكرهم أن التقوى هي المخرج من كل ضيف قال تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }الطلاق2ذكرهم أن التقوى من أعظم أسباب تسهيل الأمور وتيسيرها قال تعالى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }الطلاق4
قال عبد الله بن مسعود يقول :إن أكبر آية في القرآن فرجا : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا }
4/ اجعل لأبنائك بعض الحوافز التشجيعية التي تدفعهم لتحقيق النجاح و التميز كأن تضع لهم بعض الجوائز المادية أو تعدهم بشراء بعض الألعاب المحببة إليهم أو تعدهم بتحقيق بعض رغباتهم المباحة أو تعدهم بالسفر للنزهة إلى بعض المدن و غير ذلك .
5/ أنت و زوجك تملكان سراً عجيباً من أسرار نجاح أبنائكما ألا و هو الدعاء لهم فقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أن للوالد دعوة ما ترد فهل تستغلا أوقات الإجابة لطلب التوفيق و النجاح ممن يجيب دعوة من دعاه سبحانه ؟
الوقفة الثانية :
أوجهها إليك بني الطالب وفقك الله وسداد خطاك أعلم وفقك الله أن التميز والنجاح يترك بصمات واضحة على حياتك ومستقبل أيامك و أن المستفيد الأول و الأساس من هذا النجاح هو أنت في زمن ضعفت فيه فرص القبول في الجامعات و الكليات و ندرت فرص الحصول على الوظائف فهل تشمر عن ساعد الجد و تستغل ما بقي من الأيام و الليالي في القراءة و المراجعة و السؤال عن كل ما يشكل عليك فتحقق ما تصبو إليه آمل ذلك .
بني الحبيب إليك بعض النصائح التي تسهم بإذن الله في تحقيقك لأفضل النتائج :
1/ الدقائق و الساعات في كل وقت و في هذه الأيام بالذات هي أثمن شيء فإياك ثم إياك أن تفرط فيها شيء من الكدح شيء من الجهد جد و مثابرة عندها تحقق النجاح و التميز و أذكرك بمقولة مشهور لرجل حقق نجاحات دنيوية و مخترعات كبرى فسئل كيف حققت كل هذه النجاحات قال :[ 99% عرق جبين و 1% ذكاء ] أخي إن الفارق بين المتميز و غير المتميز أن الأول أكثر جدية و جهداً و صبراً .
2/ أخي الطالب كن متفائلاً فقد قال صلى الله عليه و سلم : ( و يعجبني الفأل ) و التفاؤل سر من أسرار النجاح و لن تجد ناجحاً متشائماً التفاؤل يُحيل الآلام إلى آمال و ما أجمل قول القائل :
[ ما ابغض العيش لولا فسحة الأمل ] و قد قيل تفاءلوا بالخير تجدوه .
3/ ازرع في نفسك الثقة تحقق أفضل النتائج و تأمل قول النبي صلى الله عليه و سلم ( استعن بالله و لا تعجز ...) فالعجز ضد الثقة و تأمل قول يوسف عليه السلام : (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) .
4/ اخلص النية لله عز وجل في طلبك العلم و اجعل الاختبارات وسيلة لمزيد من تحصيل العلم و انفع نفسك و أهلك و دينك و اجعل نيتك إدخال السرور على والديك لتفوز برضى الله فقد قال صلى الله عليه و سلم : ( أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ) فما بالك بإدخال السرور على والديك .
5/ استعن بالله عز وجل فإنه سبحانه نعم المعين و توكل على الله عز وجل و تذكر قول الله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }الفاتحة5 و قول اله عز وجل : {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} قال السعدي رحمه الله : [ و الاعتماد على الله عز وجل في جلب المنافع و دفع المضار هو الوسيلة للسعادة الأبدية و النجاة من جميع الشرور ] .
و قال رحمه الله : [{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك { فَهُوَ حَسْبُهُ } أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء ] .
6/ أكثر من الدعاء فإن الله وعدك بالإجابة قال تعالى : ( و قال ربكم ادعوني استجب لكم ) و قال سبحانه : ({وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
7 / لابد من الصبر و المصابرة فقد يعتريك بعض الملل فصبر نفسك فما هي إلا أيام قلائل و تنقضي قال تعالى : ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153
قال صلى الله عليه و سلم : ( ما أعطي أحد عطاءً خيراً و لا أوسع من الصبر )
لا تَيْأَسَنَّ وإنْ طالَتْ مُطالبَةٌ . .. إذا استعنَت بصبر أن ترى فَرَجا
إنَّ الأمور إذا انْسَدَّتْ مسالِكُها ... فالصبرُ يفتح منها كلَّ ما ارْتَتَجا
أَخْلِقْ بذي الصبرِ أن يحظَى بحاجته ... ومُدْمِنِ القَرْعِ للأبواب أن يَلِجَا
قال علي بن أبي طالب : الصبر جواد لا يكبو فصبرٌ بني على تكرار القراءة و تكرار الحفظ و حل المسائل . شيءٌ من الصبر فالفوز و النجاح حليفك بإذن الله ، و ما أجمل قول القائل :
صبرت ومن يصبر يجد غب صبره ..... ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم
7/ حافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها جماعة و هذا سلوك المسلم طول حياته فكيف يفوز بالتوفيق من حرم نفسه الصلة بالله عز وجل فالصلاة عنوان الفوز و الفلاح في الدنيا و الآخرة تأمل قول المؤذن [حي على الفلاح ] فكيف توفق للنجاح و أنت لم تجب حي على الفلاح ، الصلاة بني نور للقلب و الفكر و الروح قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153
فهي نعم العون على نوائب الحياة صلى الفجر في جماعة لتصبح طيب النفس و إياك أن تنام عن صلاة الفجر فتصبح خبيث النفس كسلان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف يحالف التوفيق من فرط في صلاة الفجر ؟ كيف يحالف التوفيق من أصبح خبيث النفس كسلان ؟ و لا حول و لا قوة إلا بالله .
8/ تصدق و لو باليسير فقد قال صلى الله عليه و سلم : { صنائع المعروف تقي مصارع السوء}.
9/ أكثر من الاستغفار فإنه من أعظم أسباب التوفيق كان بعض السلف إذا استحكمت عليه مسألة لزم الاستغفار .
10/ كرر المراجعة و اجتهد في تلخيص محتوى المادة و أرشدك إلى طريقة مفيدة في تسهيل المواد خاصة الأدبية منها ألا و هي طريقة السؤال و الجواب فإنها من أنفع الطرق في تذكر المعلومات .
11/ احذر من الغش فإنه عنوان الفشل و علامة الخسارة و ما حقق التفوق غاش أبداً و قد قال صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ).
12/ إذا استلمت ورقة الإجابة فسم الله فهي مفتاح التوفيق و استعن به سبحانه و قد ذكر عن بعض العلماء أنه يدعو بدعوة موسى عليه السلام : {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي }طه26 و قول : ( اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً و أنت إذا شئت تجعل الحزن سهلاً ).
الوقفة الثالثة :
دإليك مربي الأجيال غارس الخير و زارع الفضيلة قضيت عاماً كاملاً في صبر و مصابرة تشرح و تعلم و تربي و تؤدب فمبارك عليك ما جنيته من الحسنات و مبارك عليك استغفار أهل الأرض و السموات حتى حيتان البحر و دواب البر فقلي بربك من مثلك من بني البشر .
أخي أنت في هذه الأيام تحصد ما زرعت على مدار عام كامل فلا تفسد الثمرة عند القطاف فبعض المعلمين هداهم الله يفسدون كل جهد قدموه وذلك بتعمد تصعيب الأسئلة و لعل الصواب أن تكون الأسئلة متوازنة في متناول الجميع و تذكر أخي الحبيب قول النبي صلى الله عليه و سلم : (( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا ) رواه البخاري
و عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها) رواه البخاري
اسأل الله العلي العظيم بمنه و كرمه أن يوفق أبناءنا لكل خير و أن يسددهم في اختباراتهم و جعلها خيراً لهم في دنياهم و أخراهم .