abdelouahed
عدد المساهمات : 778 تاريخ التسجيل : 26/04/2014 العمر : 58 الموقع : ولاية بشار
| موضوع: وقفات مضيئة مع الإسراء والمعراج السبت مايو 31 2014, 16:44 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ان الدعوة التي حملها محمد صلى الله عليه وسلم عرَّضته للعواصف العاتيه من الإيذاء والبغضاء والافتراء ومزّق شمل أتباعه فما ذاقوا مذ آمنوا به راحة الركون إلى الأهل أو المال، عذبهم أهل مكة حتى رأوا الأهوال. وكان آخر العهد بمشاق الدعوة طرد ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم وإيذاؤهم له ثم دخوله إلى البلد الحرام في جوار مشرك، ثم إن هوانه على الناس جعله يجأر إلى رب الناس شاكيا راجيا. فمن تسلية الله له ومن نعمائه عليه أن يهيئ له رحلة سماوية لتمس فؤاده ببرد الراحة، وليشعر أنه بعين الله مذ قام يوحده ويعبده، ويعلم البشر توحيده وعبادته، وعلم من هذه الرحلة أن حظه من رضوان الله جزيل، وأن مكانته بين المصطفين الأخيار موطدة مقدّمة، وفي تلك الظروف الحرجة التي مر بها ومع أمل جديد بدأ يلوح من قبل يثرب وقع حادث الإسراء والمعراج، حيث أسرى برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى راكبا على البراق، حيث صلى بالأنبياء هناك ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء فتدرج بها حتى ُرفع إلى سدرة المنتهى، ثم عُرج به إلى الجبار جل جلاله فدنا منه حتى كان قاب قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى. لقد كانت هذه الرحلة علاجا مسح متاعب الماضي ووضع بذور النجاح للمستقبل، فكان لرؤية طرف من آيات الله الكبرى في ملكوت السماوات والأرض أثره الحاسم في توهين كيد الكافرين وتصغير جموعهم ومعرفة عقباهم في قلب محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته. لم يكن الإسراء مجرد حادثة من الخوارق أجراها الله عز وجل لنبيه لتكون دليلا على صدق دعوته، ولم يكن نوعا من المعجزات التي يؤتى بها الإمام الحجة على المعارضين، فإن القرآن الكريم وحده كاف في ذلك، وإنما كان للإسراء برسول الله بالإضافة إلى ما سبق معان غابت عن أفهام كثير من الناس فلم يدركوها. فرغم كون الإسراء والمعراج مظهرا من مظاهر تشريف رسول الله بالمثول بين يدي الله تعالى وتحقيقا لكل معاني التكريم والإجلال التي أهدرها أهل الطائف ولم يراعوا لها حرمة عند استقباله. مع كل هذا فإن الإسراء يشتمل على عدد آخر من المعاني والوقفات يجمل بنا أن نتذكرها عند ورود هذا الحدث أو مرور زمانه علينا. فمن معاني الإسراء أننا نرى فيه كرامة الله عز وجل لهذه الأمة. فقد ظلت النبوات دُهورا طِوالا وهي وقف على بني إسرائيل وظل بيت المقدس مهبط الوحي ومشرق أنواره على الأرض، والوطن المحبب إلى شعب الله المختار، فلما أهدر اليهود كرامة الوحي وأسقطوا أحكام السماء، حلت بهم لعنة الله وتقرر تحويل النبوة عنهم إلى الأبد، ومن ثم كان مجيء الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم انتقالا بالقيادة الروحية في العالم من أمة إلى أمة ومن بلد إلى بلد ومن ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل وهذا هو سبب بغض اليهود: {بئسما شروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب} . [البقرة] وبذلك اعتبر المسجد الأقصى ثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء في السنة الصحيحة أن رسول الله صلى بالأنبياء ركعتين في المسجد الأقصى، فكانت هذه الإمامة إقرارا مبينا بأن الإسلام كلمة الله الأخيرة إلى خلقه أخذت تمامها إلى يد محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن وَطّأ لها العباد الصالحون من رسل الله الأولين. ومن خلال حادثة الإسراء والمعراج: نرى أهمية سلامة الفطرة في الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: ”ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من ماء فسمعت قائلا يقول حين عرضت عليه إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهُديت أمته قال: فأخذت اللبن فشربت منه فقال لي جبريل هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك”. إن سلامة الفطرة لب الإسلام ويستحيل أن تفتح أبواب السماء لرجل فاسد السريرة، عليل القلب، إن الفطرة الرديئة كالعين الحمئة لا تسيل إلا قذرا وسواداً وربما أخفى هذا السواد الكريه وراء ألوان زاهية ومظاهر مزوّقة بيد أن ما ينطلي على الناس لا يخدع به رب الناس.. ومن معاني الإسراء والمعراج وأحداثه أن الصلوات الخمس شرعت فيه، شرعها الله لتكون معراجا يرقى بالناس كلما تدلت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا، و الصلاة التي فرضت هي باختصار صلة بين العبد وربه، تقوَّي إيمانه، وتدعَّم يقينه، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر يؤديها بقلب خاشع لا تلهيه تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة فهل يا ترى صلاتنا اليوم كذلك.. والصلاة بوضوئها المتكرر طهور وطهارة وكفارة للذنوب وزيادة في الحسنات عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”فتنة الرجل في أهله وماله وولده ونفسه وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. أخرجه البخاري ومسلم. ومن معاني هذا الحدث العظيم أننا نرى فيه عموم رسالة الإسلام لجميع أمم الأرض، فحين وصوله عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس كان في استقباله كما ذكرنا الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يكن استقبالا لمجرد الاحتفاء، وإنما كان للإقرار بنبوته وسبقه عليهم في المكانة والقدر وتوضيحا لمعنى عموم رسالته وكانت إمامته دعوة صريحة لأممهم بطاعته والائتمام به، إن صلاته إلى بيت المقدس ثم تحوله إلى الكعبة في مكة ليوحي بأنه النبي الذي يجب أن يدين له أهل القبلتين ويؤمن برسالته كل العالمين فليست دعوة محلية أو إقليمية، وما كانت رحلته إلا إثباتا لذلك.. منقول(بتصرف).
| |
|