مضت أيّامٌ وأيّام إلاّ أنّ القرود المتواجدة داخل قفصها لم تتكاثر، مضت شهور وشهور.. نفس الشّيء ترى لماذا؟
هل فقدت القردة شهوتها ؟ أم أنّها عاقر؟ أم أنّها أُصيبت بمرضٍ ما، أم ماذا حصل لها ؟!
ليس هذا و ليس ذاك، إنّها ببساطة لا تمارس العملية الجنسية في أقفاصها! ما الحل؟... الحل هو إحضار طبيب بيطري، وبعد الفحص تبيّن أنّ القرود سليمة!!
اقترح البيطري أن يفحص القرود أخصائي نفسي!... و لما فحصها المختص اقترح وضع شاشةٍ سينمائية داخل القفص، و عرض أفلام جنسية توضّح طريقة التّكاثر بين القرود، و بعد أسبوعين بدأ الاتّصال الجنسي بين القرود و لما سُئل الأخصائي النّفسي عمّا فعله ؟! أجاب :" في علم النّفس إذا تكرّر المنظر على العين فإنّه يُصبح مألوفًا حتّى يبدأ النّاظر باكتساب هذه العادة الّتي يراها، سواءً أكانت إيجابية أو سلبية .
استفتحت هذا المقال بعرض هذه الظّاهرة... و الآن تعالوا معي لنُسقطها على واقع الإنسانية، إنها كارثة...ألا توافقونني الرّأي؟ خاصّة و نحن في زمن الفتن الّتي لا تُعدّ و لا تُحصى، زمن مغريات الحياة الفتّانة، زمن الصّدام الرّهيب بين الأصالة و المعاصرة، زمن الصّراع النّفسي العنيف بين الفضيلة و الرّذيلة، زمن تهافت الشّباب على المعصية. في هذه النّقطة بالضّبط تعود ذاكرتي إلى ذلك الكتاب الجذّاب الّذي وقع بين يديّ ذات يوم، وحينما تصفّحت بعض صفحاته، و تمعّنت في فصوله، ساقني فضولي إلى قراءة فصل من فصوله يتحدّث بالضّبط عن الاكتئاب و علاقته بمشاهدة الأفلام الإباحية!
ففي دراسة أسترالية حديثة تبيّن أنّ الشّباب الّذين يُمضون ساعاتٍ طويلة في مشاهدة الأفلام الإباحية تظهر لديهم أعراض الاكتئاب أكثر من غـــيرهم، فقد قامـــوا بدراسةٍ على أشخاصٍ يُمضـــون 12ساعة أسبـــوعيًا في مشاهدة الأفــــلام الإباحية ، و تبيّن أنّ 30% منهم مصابٌ بدرجة عالية من القلق النّفسي، و 35% مصابون بدرجاتٍ مختلفة من التّوتّر النّفسي، و يحاول المختصون في التّربية و الطّب النّفسي أن يوجّهوا نداءً تحذيرياً لمختلف الفئات، و خاصّة الشّباب لتجنّب النّظر إلى المشاهد الإباحية لأنّها تترك آثارًا نفسية كبيرة و خطيرة تكون مدخلاً لعلاقاتٍ حميميةٍ حقيقية قد تنتهي إلى الإيدز، أو أمراضٍ جنسيةٍ أخرى خطيرة، و بالتّالي فإنّ مشاهدة المشاهد الفاضحة تقود لممارسة الفاحشة و انهيار الأخلاق و زيادة الأمراض، و الآن تعالوا معي مرّة أخرى للتّمعن في هذا التّحذير الرّباني الرّحيم :
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ سورة الإسراء/(32)
و لاستشعار عظم هذه الوصية نقرأ قوله تعالى:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ الأنعام/(151)
و يقول سبحانه و تعالى كذلك:
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ النساء/(27)
و نقرأ في مواقع أخرى :
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ النور/(19)
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ الحديد/(4)
تعالوا معي أخيرًا للصّلاة على القائل : {و العينان تزنيان و زناهما النظر}، و القائل أيضًا : {تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تظلوا بعدي أبدا}
عليه الصّلاة و السّلام .