للصحابة والسلف الصالح أحوال راقية في الاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك، فقد كانوا ينتظرونه بشوق لما فيه من بركات وأنوار. وقد كان الصحابة والسلف الصالح يستعدون لرمضان بالدعاء، فقد ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه خمسة أشهر بعدها حتى يتقبل منهم، فيدعون الله أن يبلغهم رمضان على خير في دينهم وأبدانهم، ويدعوه أن يعينهم على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منهم أعمالهم. وكان الصحابة والسلف الصالح أشد فرحًا بقدوم رمضان، وكانوا يظهرون السرور والبشر؛ لأن رمضان من مواسم الخير، الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النيران، وهو شهر القرآن، لذا كانوا يفرحون مصداقًا لقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). وقبل رمضان كان الصحابة والسلف الصالح يتحللون ويبرئون ذمتهم من الصيام الذي عليهم بسبب عذر من سفر أو مرض أو حيض أو نفاس وغيرها من الأعذار الشرعية، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ . وكان الصحابة والسلف الصالح يستعدون لشهر رمضان بالإكثار من الصيام في شهر شعبان، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلة الله عليه وآله وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان". وكذلك كانوا يستعدون بقراءة القرآن فيقول أنس بن مالك صاحب رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرءوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان". وقال سلمة بن كهيل : كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن. فالذي تعود على المحافظة على ورده القرآني قبل رمضان سيحافظ عليه- إن شاء الله - في رمضان