أمر الله (سبحانه وتعالى) بالصيام لأنه ليس شيء أشد على أهل النار من الجوع·وأن الله يلقيه عليهم حتى ينسوا كل العذاب من شدة الجوع·فيستطعمون مالك خازن النار فيأتيهم بطعام الغصة كما قال الله تعالى: (إن لدينا أنكالاً وجحيماً**وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً)·فيعبر في حلوقهم فيقولون إنا كنا نبتلع الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون المهل كما قال تعالى: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل)··ففرض الله تعالى أمّة محمد (صلى الله عليه وسلم) بصيام شهر رمضان ليصرف عنهم ذلك الجوع، وكذلك أمر الله تعالى بصيامه باقي الأمم ، فأمنت به هذة الأمة وكفرت به سائر الأمم، وهذا من لطف الله تعالى على أمّة محمد (صلى الله عليه وسلم)·وقيل فُرض عليهم صيام شهر رمضان لأن الزهد زهدان:زهد في الحلال وزهد في الحرام، وأشرفها الزهد في الحلال، فأمر الله تعالى بصوم شهر رمضان حتى يعطيهم ثواب زهد الحلال والحرام·وقيل حتى يذكروا بشدة الصوم شدة القيامة، لأنه ليس على أهل القيامة أشد من الجواع·وليعلموا أنه إذا كانت في طاعة الله شدة ، فإن الجوع في النار أعظم شدة·فالله الله عباد الله اجتهدوا في حفظ هذا الشهر العظيم يوم يقوم أناس لرب العالمين، يوم يفوز فيه الصائم ويحشر فيه المتهاون الظالم إذا عرضت عليه الأوزار والجرائم وانتهاك المحظورات والمحارم·
قيل لما فُرض رمضان ثلاثين يوماً ؟فالجواب:أنه قيل إن الوقوف على الصراط ثلاثين سنة، فإذا صمت ثلاثين يوماً أعانك الله بالعافية والسلامة والسعادة والكرامة ثلاثين سنة·فاجتهدوا عباد الله في هذا الشهر بلا إفراط، وخذوا لأنفسكم بالإحتياط، واحذروا من المكث الطويل على الصراط·هذا والله أعلم وصلي وسلم على سيدنا محمد·((من كتاب بستان الواعظين ورياض السامعين))