سورة تميزت بالحفاظ الشديد على كرامة الأسرة وقيمة العرض ودعمت جانب الشرف، وفصلت ما ينبغي أن يلزمه المجتمع كي يحافظ على حرمات الله وحقوق الناس، ومع أن سور القرآن كلها منزلة من عند الله إلا أن هذه السورة وحدها دون سور القرآن كلها تميزت بهذا البدء: (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون)، وسورة النور تتحدث عن احترام الغريزة وضبطها حتى لا تنحرف يمنة أو يسرة، ثم التخويف لمن يدع حدود الله أو يترك العقوبات التي قررت تقريرا حاسما في هذه السورة المباركة، القرآن الكريم لم يعتبر الغريزة الجنسية رجسا من عمل الشيطان، اعترف بها وجعل المتنفس الوحيد لها الزواج، واعتبر الزواج عبادة بل جاء في السنة أنه نصف الدين، وقد جاءت الآيات في هذه السورة تتحدث إلى أولياء الفتيات، وجاءت أيضا تتحدث إلى من يريد الزواج أو من يقدر عليه ويطلبه، في الآيات الأولى نقرأ قوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم) النور، ويشرح النبي صلى الله عليه وسلم هذا التوجيه فيقول: “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” رواه الترمذي وغيره، ووكل ذلك - بداهة - إلى تقدير ولي الفتاة وإلى تصور الأسرة للنفقة وما يتصل بها، والواقع أن هذا التقدير لا يمكن أن يـبت فيه قانون، إنما الذي يبت فيه مجتمع مؤمن، والذي يبت فيه رجال يتقون الله ويريدون أن يشيعوا العفة والقناعة في المجتمع، وإلى أن يتزوج طالب الزواج، وإلى أن يستكمل دينه ماذا يصنع بقول الله: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) النور، فلا بد أن يستعفف، وعبارة الاستعفاف تعني أن المرء يتكلف أو يعاني أو يتعب نفسه، ولا بد من ذلك في كبح الهوى وضبط الغريزة، فإن الغريزة العاتية تحتاج إلى إرادة حديدية، وهنا نجد أن الإسلام حارب الانحراف والجنس بمحاربة بوادره الأولى أو المقدمات التي تغري به وكان في هذا دينا عمليا، وفي هذه السورة نقرأ قوله تعالى وهو يمنع الانحراف الجنسي: (يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) النور، ثم توجيه آخر لا بد منه وهو غض البصر، فإن الإنسان إذا أرسل عينه تتلصص على الأعراض من هنا أضف إلى Facebook .