abdelouahed
عدد المساهمات : 778 تاريخ التسجيل : 26/04/2014 العمر : 58 الموقع : ولاية بشار
| موضوع: في ذكرى المولد النبوي الشريف الأربعاء ديسمبر 31 2014, 16:51 | |
| بقلم الشيخ الدكتور/يوسف جمعة سلامة خطيـب المسجد الأقصـى المبـارك وزير الأوقاف والشئون الدينية السابق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] يعيش المسلمون في هذه الأيام في ظلال أيامٍ مباركة من شهر ربيع الأول، يتفيَّأون ظلالها، ويتعلمون من دروسها وعظاتها، فما أفضل هذه الأيام! إنها ذكرى ميلاد الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم –، الذي أرسله ربه رحمة للعالمين كما جاء في قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(1)، ومن المعلوم أن رسولنا – صلى الله عليه وسلم – قدْ دعا الناس للعبادة فكان أعبد الناس، ودعاهم إلى مكارم الأخلاق فكان – عليه الصلاة والسلام- أسمى الناس، كما وصفه ربه في قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(2).وعندما يهلّ هلال شهر ربيع الأول في كل عام، يتذكر المسلمون ميلاد حبيبهم ورسولهم محمد– صلى الله عليه وسلم-، فهو رسول البشرية بأسرها، ومثال الإنسانية في أتمّ صورها، وهو رحمة الله للعالمين وخاتم النبيين، فمولده -صلى الله عليه وسلم - كان إيذاناً بالنور الساطع الذي بَدَّدَ ظلمات الجاهلية وعبادة الأصنام، كما قال تعالى:{قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ}(3).لقد كان العالم كلّه في أمسِّ الحاجة إلى مُصلح ومُنقذ، ذي همة عالية، وعزيمة ماضية، وجاء محمد – صلى الله عليه وسلم -، فكان القائد الإنساني الذي تتطلع إليه البشرية ليكون منقذاً لهم من شقاء الجاهلية وضلال الوثنية، ومُخرجاً لهم من الظلمات إلى النور.لقد استطاع نبينا – صلى الله عليه وسلم – بفضل من الله سبحانه وتعالى أن يقضي على مظاهر الشرك والطغيان، فحرَّم القتل والزنا والخمر وكلّ المنكرات، وزلزل العروش العاتية، فكانت اليرموك وفيها القضاء على القياصرة، وكانت القادسية وفيها القضاء على الأكاسرة، وكان – عليه الصلاة والسلام- يُبَشّر بقيام دولة عادلة وأمة راشدة هي خير الأمم التي أُخرجت للناس، كما في قوله تعالى:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}(4).محبة النبي – صلى الله عليه وسلم -إن محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – واجبة على المؤمنين، بل هي دليل الإيمان، ومن الآيات الدالة على وجوب محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – قوله تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رحيمٌ}(5). يقول العلامة ابن كثير – رحمه الله -: [هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتَّبع الشرع المحمدي، والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدّ"، ولهذا قال:{إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول، كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تُحِب، إنما الشأن أن تُحَب، وقال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}](6).ومن المعلوم أنَّ من أحبَّ شيئاً أكثر من ذكره، والمرء مع من أحبّ يوم القيامة، كما جاء في الحديث: (أنَّ رجلا سأَل النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: متى الساعةُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: ما أعْدَدْتَ لها؟، قال: ما أعْدَدْتُ لها من كثيرِ صلاةٍ ولا صومٍ ولا صدَقَةٍ، ولكني أُحِبُّ اللهَ ورسولَه، قال: أنتَ معَ مَن أحبَبتَ)(7). فديننا الإسلامي يوجب علينا حبّ رسولنا – صلى الله عليه وسلم -:أليس هو النبي الذي رفع الله ذكره، كما في قوله تعالى:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}(8) .أليس هو الذي قرن الله طاعته بطاعته، فقال تعالى:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}(9) .أليس هو الذي قرن الله محبته بالسير على هديه، فقال تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}(10) .أليس هو الذي سيندم العصاة على مخالفته، كما في قوله تعالى:{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}(11).أليس هو الذي أمر الله المؤمنين بالصلاة والسلام عليه، فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(12).إن محبة رسولنا – صلى الله عليه وسلم – منزلة رفيعة ومقام جليل، لا يَحْظى بها إلا أهل القلوب المستنيرة والهمم العالية، كما جاء في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يا رسولَ اللهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى"(13). الصــلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم-لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالصلاة والسلام على رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم- كما جاء في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(14)؛ لأن الإكثار من الصلاة والسلام عليه -صلى الله عليه وسلم- قربة من أعظم القربات، كما أنه علامة على محبة العبد للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد حثَّ نبينا – صلى الله عليه وسلم – على وجوب الصلاة والسلام عليه – صلى الله عليه وسلم-كلّما ذُكر، حيث وردت عدة أحاديث شريفة تؤكد ذلك، منها:قوله – صلى الله عليه وسلم -: (رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)(15)، وقوله – صلى الله عليه وسلم -:(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً )(16)، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: (الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)(17) ، فمن الجفاء أن يسمع المسلم ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم يبخل بالصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم-. كما وردت عدة أحاديث تبين فضل الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، منها:- ما رُوي عن أُبَيِّ بن كعب – رضي الله عنه – قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بمَا فِيهِ" ، قَالَ أُبَيٌّ : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي؟ فَقَالَ: "مَا شِئْتَ"، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا، قَالَ: "إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ")(18).- وما رُوي عن أنس بن مالك – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ صلَّى عليَّ صلاة واحدة صلَّى الله عليه عَشْر صلوات وحطَّ عنه عَشْر خطيئات ورُفِعَتْ له عَشْر درجات)(19).- كما رُوي عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ صلَّى عليَّ واحدة صلَّى الله عليه عشراً)(20).إن ذكرى المولد النبوي الشريف ذكرى خير للبشرية كلها، حيث وُلد في هذا الشهر المبارك رسول الإنسانية ومنقذ البشرية – صلى الله عليه وسلم-، هذا النبي الكريم الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، ودعا إلى الخير والهدى، فيجب علينا أن نتبع منهجه ونسير على هديه – عليه الصلاة والسلام-. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين الهوامش: 1- سورة الأنبياء الآية (107). 2-سورة القلم الآية(4). 3-سورة المائدة الآية (15). 4-سورة آل عمران الآية (110). 5- سورة آل عمران الآية (31). 6- مختصر تفسير ابن كثير 1/277.7- أخرجه البخاري. 8- سورة الشرح الآية (4). 9- سورة النساء الآية (80).10- سورة آل عمران الآية (31). 11- سورة الأحزاب الآية (66).12- سورة الأحزاب الآية (56).13- أخرجه البخاري. 14- سورة الأحزاب الآية (56). 15-أخرجه مسلم.16-أخرجه الترمذي. 17- أخرجه أحمد والترمذي.18- أخرجه الترمذي.19-أخرجه أحمد. 20-أخرجه مسلم. منقول | |
|