لقد حظيت فريضة صيام شهر رمضان عند الجزائريين خصوصا والمغاربة عموما بمنزلة نفسية واجتماعية بوأتها صدارة باقي أركان الإسلام من صلاة وزكاة وحج، حتى أضحى الذوق العام يستهجن الفطر في رمضان ويزدري المجاهر به دون أن يتخذ الموقف ذاته مع المقصر في سائر الفرائض، وبغض النظر عن العوامل التاريخية التي أفرزت هذا النمط من الالتزام الديني، وبغض النظر أيضا عن تراتبية أركان الإسلام وأولوياتها في سلم الشريعة، فإن ما ينبغي التنبيه عليه هنا أن على متصدري الخطاب الديني وصناعه تعزيز هذه المكانة في النفوس وتثمينها وعدم تعليق صحتها أو بطلانها على فرائض أخرى مهما بلغت من القداسة والوجوب، لأن السلوك مكسب ديني تاريخي تماهى والأعراف الاجتماعية وأضحى جزءا من الشخصية الجزائرية.
لقد سمعنا وما زلنا نسمع من أفواه بعض متصدري منابر الخطابة والإفتاء حملة شعواء على الذين يصومون ولا يصلون، أو يصومون ولا يزكون، بل تعدت الحملة إلى اللواتي يصمن ولا يرتدين الخمار الشرعي، حتى خيل للبعض أن الصوم بدون صلاة أو زكاة أو حج محض تعب وجوع وضمأ، ونحن هنا لا نقلل من منزلة الصلاة والزكاة والحج فلكل منها مكانته السامية في سلم الفرائض والأركان، ولكن بدل التهجم على صوم بدون صلاة ينبغي تثمين الصوم والترغيب في الصلاة والترهيب من تركها، ومثال هذا كالتلميذ المجتهد في مادة من المواد والمقصر في أخرى فإن الأستاذ يشجع فيه روح النجاح في المواد المجتهد فيها ويعاتبه على ما هو مقصر فيه ويدعوه للاستدراك .
منقول