جاء في الأثر أن من خير الناس من ذكّرهم بالله -عز وجل- سواء كان هذا التذكير بكملة طيبة، أو بوجه مشرق، أو بابتسامة لطيفة، أو بأي شيء ماديا كان أو معنويا.. وما أكثرنا احتياجا إلى من يذكرنا بالله - عز وجل-، فإذا كان أبونا آدم عليه السلام- في الجنة مجردا من أي تكليف، قد نسي ما عهد به إليه الله- سبحانه وتعالى- وما عهد إليه إلا بأمر وحيد، هو ألا يقرب هو وزوجه "شجرة"، ولكنهما اقتربا منها، وأكلا منها، فكان الجزاء ما أصابهما من كد وكدح، وما ورثناه عنهما..
لقذ ذكّرني الأخ الأستاذ رشيد أوزاني، حيث أهدى إليّ ديوانين، يحمل أولهما عنوان "رباعيات البصائر"، وهي أبيات كان ينشرها في جريدة "البصائر" في عهدها الجديد، وفي ذلك تذكير بما كان ينشره فيها تحت هذا العنوان، الشاعر السوري المتميز عمر بهاء الدين الأميري، بعد لقائه بالإمام الإبراهيمي في عام 1952 في باكستان، حيث كان سفيرا لبلاده هناك.
وأما الثاني فيحمل عنوانا جميلا هو "رحماك ربي"، ومَن مِن بن آدم لا يرجو رحمة ربه، خاصة من كان مؤمنا بالله واليوم الآخر ويحذره. وقد وفق الأستاذ رشيد عندما ختم هذا الديوان بأرجوزة بأسماء الله الحسنى..
لست شاعرا لأعرف قيمة هذين الديوانين في عالم الشعر، ولكنني أملك حاسة أتذوق بها ما أقرأه أو أسمعه من شعر أو يشبّه لي بأنه شعر.. فعمدتي - إذن في عالم الشعر- الأذن لا العين، وذلك منذ أن علمت من أشياخي قول القائل:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه:::فليس خليقا أن يُقال له شعر..
وقول القائل الآخر:
والشعر إن لم يكن ذكرى وعاطفة:::فما هو إلا تقطيع وأوزان
خاصة إذا كان ميزانه هو "الباسكولا" كما يقول الشيخ أبو بكر الأغواطي - رحمه الله- والأستاذ رشيد ليس من أولئك الشعراء الذي قال فيهم الله عز وجل بأنهم رادة الغاوين، و"أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون"؛ وما ذلك إلا لأنه محصّن بالقرآن الكريم، وبقيم الإسلام، ما يجعله عصيا على إبليس وحزبه..
فالديوانان مشحونان بأسمى المعاني الإسلامية والوطنية، والمشاعر الإنسانية، ومنها قيمة الوفاء.. ومن صور الوفاء الكثيرة تهنئته للشيخ أحمد برّي - رحمه الله - ومنها:
فاسمك اشتق من البرّ فطوبى:::لفقيه مقصد السبع المثاني
قد نشرت الرأي مشهورا سديدا:::ناقلا من "مالك" لبّ المعاني
لك مني صادقا أزكى سلام:::شاكرا دوما بقلبي ولساني
شكرا للأستاذ رشيد على الهدية القيمة، وزادك الله تألقا وتأنقا وتوفيقا..
بقلم الأستاذ الهادي الحسني.