الكوارث أو الأمراض قد تكون اختبارا من الله وفيها يقول الشيخ محمود عاشور ـ وكيل الأزهر الأسبق, كل ما يحدث في الكون مقدر منذ خلق الله السموات والأرض, وما يحدث من ظواهر طبيعية تحمل حكمة وتدل علي قدرة من قدرات الله عز وجل, ولذلك يجب أن نتحلي بالصبر والتسليم لأمر الله عز وجل, فالسيول علي سبيل المثال تعد فضلا ومنحة من الله لأن الماء من نعم الله علي الناس وهذا قول الله تعالي وجعلنا من الماء كل شيء حي, والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم كان يستقبل المطر بالدعاء وكان يشرب منه ويقول هذا ماء قريب عهد بالله, لكن علينا أن نستفيد من السيول وأن نستغلها الاستغلال السليم وأن نستعد لها الإستعداد الجيد,وعلينا أن ندرك أن تلك الابتلاءات قد تكون لرفع درجات المؤمنين وتكفيرا للذنوب, لكن لا يجوز الحكم علي هذه الكوارث بأنها نتيجة للذنوب والمعاصي, لكنها قد تكون خيرا ومنحة للمؤمنين المتقين وقد تكون عقوبة للعاصين والمذنبين, والرسول صلي الله عليه وسلم قال ما يصيب المسلم من نصب ولا هم ولا حزن ولا أذي ولا غم حتي الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه, وعلينا أن نتذكر حصار المسلمين في شعب أبي طالب ثلاث سنوات وكان فيهم أشرف الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم, كذلك في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حل القحط والجوع بأهل المدينة وهو ما سمي بعام الرمادة وقابلوا كل هذا بالصبر الجميل.
منهج علمي في التعامل مع الكوارث
أما الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر فتقول: الكوارث الطبيعية من سيول وزلازل وبراكين وأوبئة قضية مهمة لأن الناس يربطون هذه المظاهر بأنها غضب من الله عز وجل ويتذكرون ما ورد في القرآن الكريم من عقاب لأقوام كذبوا الرسل والأنبياء وهذا ربط غير صحيح, لأن هذه المعجزات كانت منحا مادية من الله عز وجل للرسل والأنبياء لشد أزرهم أمام عناد أقوامهم, وتضيف أن هذا الربط غير صحيح فزمن المعجزات قد انتهي بالرسالة الخاتمة.. أما العصر الحالي فهو عصر العلم والحكمة لأن العلماء ورثة الأنبياء ولذلك لابد أن نطبق آراء العلماء والمتخصصين الذين يقدمون التحليلات العلمية للظواهر الطبيعية وأن نقوم بتنفيذ ما يرونه من خطط وإحتياطات لتفادي تلك الكوارث أو لتقليل أضرارها, كما يجب أن ننظر للتفسيرات العلمية الصحيحة بعيدا عن التفسيرات الخاطئة التي تنتشر بين العامة ولابد أن يتصدي العلماء لهذه الدعاوي الخاطئة, وهناك دور كبير يقع علي عاتق الدعاة ورجال الدين يتمثل في التوعية الصحيحة للناس وتعريفهم بأمور الدين وصحيح العقيدة الإسلامية التي تحمل كثيرا من الإجراءات الوقائية التي تحمي البشرية من مخاطر تلك الكوارث وأن نعلي من قيمة الصبر عند مواجهة تلك الأزمات, كما يجب علي الدعاة ورجال الدين أن يقوموا بدورهم في إرشاد الناس بعدم ربط تلك الكوارث الطبيعية بالأحداث التي وردت في قصص القرآن الكريم بل يجب أن يتم توجيه الأنظار لدور العلم والعلماء في فهم تلك الظواهر والتعامل معها لأن القرآن الكريم يحث علي الاجتهاد والأخذ برأي أصحاب العلم والدين الإسلامي يحترم العقل والتدبر والتفكير في أمور الحياة, كل ذلك حتي لا ينساق العامة وراء أمور ليست صحيحة ونتناسي الأخطاء البشرية وعدم إعمال العقل فمثلا المتخصصون من العلماء ينصحون بعدم بناء المساكن في مخرات السيول وهذه أمور يهملها الناس ولا يأخذون بها رغم علمهم بمخاطرها لأن الأزمات والكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان تحتاج الي التخطيط والإعداد الجيد لمواجهتها.
العودة الي الله
وفي سياق متصل طالب الدكتور محمد عادل عبد العزيز الأستاذ بجامعة الأزهر بضرورة الاعتبار من هذه الأزمات وأن نستشعر معها بعظمة الخالق سبحانه وتعالي وكيف أن الله قادر ولا يعجزه شي ء في الأرض ولا في السماء, كما أن تعامل الناس مع بعضهم البعض في أمور الحياة أصبح يحمل طغيانا كبيرا, وقسوة في المعاملات وهذا قول الله تعالي ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي علموا لعلهم يرجعون وفي الوقت الحالي طغت الماديات علي الناس وحدث تكالب علي الحياة وانتشر الظلم والفساد, والحق سبحانه وتعالي يقدم العبرة للناس بعدم الاغترار بالحياة الدنيا لأنها فانية وهذا قول الله تعالي أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالهم, كما أن هذه الظواهر فيها تحذير للعباد من التمادي في الفسوق والعصيان ولهذا فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم يحث الناس علي التضرع الي الله وترك الذنوب والمعاصي وما نشاهده اليوم من هموم تصيب الإنسانية والمجتمعات والأفراد لا علاج له غير العودة الي الله والإاتزام بالقيم الدينية الراسخة التي ورثناها عن السلف الصالح ولو التزمنا بالمعايير التي جاء بها الإسلام سنتمكن من مواجهة تلك المشاكل والأزمات, كما أن الإسلام يدعونا لأخذ العبرة والعظة من تلك الحوادث فمثلا الزلازل علامة من علامات الساعة حتي يتذكر الناس قدرة الله عز وجل وأنه فعال لما يريد ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وأن تلك الآيات الكونية لتذكير الناس حتي يمتنعوا عن ارتكاب المعاصي والفواحش وهذا قول الله تعالي وما نرسل بالآيات إلا تخويفا