بقلم: نبيل جلهوم
ضع نصب عينيك دائمًا أن السعادة الكبرى والحقيقية إنما هي في طاعة الله، وأن سعادتك الأبدية لن تكون إلا في دار الخلود.. حيث لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر.. (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)) (القمر)ح
حاسب نفسك
لتكن محاسبًا لنفسك نهاية يومك.. ولتكن لك ساعة تحاسبها فيها على ما أحسنت فيه طوال يومك وعلى ما فرطت فيه..فإن وجدت إحسانًا فعليك بالسجود شكرًا للباري واطلب منه المزيد من الحسن والإحسان.وإن وجدت تقصيرًا فعليك بسؤال القدير أن يسدِّد التقصير ويعفو عن الكثير.
روى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتجهزوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)) (الحاقة)، ونقل ابن القيم عن الحسن أنه قال: " الْمُؤْمِنَ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ، يُحَاسِبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا".
وإنما شقَّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة..وقال وهب فيما ذكره الإمام أحمد- رحمه الله-: (مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات:
ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يتخلى فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونًا على تلك الساعات وإجمامًا للقلوب.
وهناك بعض الثمار العظيمة التي يقطفها المحاسب نفسه منها:
1- التعرف على عيوب النفس مما يساعد في تلافيها.
2- المساعدة على الخوف والمراقبة لله بصدق.
3- الوصول الحي إلى الله بذل وإنكار.
4- الفوز بجنات الله.
طهّر قلبك
إياك وأن تنام وفي قلبك شيء من بغض أو حقد أو حسد لأحد من إخوانك المسلمين، فذلك كفيل بدخولك الجنة.
وكلنا يعلم قصة عبد الله بن عمرو بن العاص مع سعد بن أبي وقاص، وسبب تبشير النبي محمد صلى الله عليه وسلم له بالجنة ".. من أنه كان لا ينام وفي قلبه ضغينة على أحد من المسلمين".
التفكّر
احرص باستمرار على ممارسة عبادة التفكر منفردًا مع نفسك خاليًا فيها بربك، كما كان يفعل حبيبك وقدوتك خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء مهبط الوحي.. وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتفكر بقوله: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)) (آل عمران: من الآية 191). وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما قال-: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله".
وقد قيل في التفكر:
1- قال أبو الدرداء- رضي الله عنه-: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
2- قال وهب بن منبه: ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، وما فهم إلا علم، وما علم إلا عمل.
3- قال بشر الحارثي: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى ما عصوه.
4- كان سفيان الثوري من شدة تفكره يبول الدم.
حَسِّن سلوكك
احرص على تغيير السلوكيات الخاطئة فيك حتى تكون أكثر تفاعلاً وفعالية في داخل مجتمعك.
احرص على الجمال
احرص على وجاهة مظهرك وأناقتك وجمال أقوالك وأفعالك فأنت رمز لإسلامك.. وإسلامك لا يقدم إلا كل جميل ورائع ووجيه.
إن الله جميل يحب الجمال.. إن الجمال سمة واضحة في الصنعة الإلهية.. ويجب على المسلم أن يكون جميلاً ليس في مظهره وأناقته المتمثلة في الملابس فقط.. بل إن مفهوم الجمال يتعدَّى ذلك بكثير.. فالجمال أنواعٌ منها:
1- جمال حِسِّي: وهو الذي يدرك بالحس كجمال الطبيعة من سماء وأرض وحدائق وكجمال الإنسان.. وقد ذكر القرآن كثيرًا من مظاهر الكون، مشيرًا إلى جمالها الحسّي الذي ينتفع به الإنسان ويشكر ربه على أن سخَّر كل ذلك له.. قال تعالى عن الأنعام: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)) (النحل)، وقال تعالى عن الإنسان: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)) (التين).
2- جمال معنوي: وهو الذي يدرك بالعقل الواعي والبصيرة النافذة مثل:
أ- جمال الأقوال بالكلمة الطيبة الحسنة.
ب- جمال الأفعال حيث الأفعال قرين الأقوال.
متى.. وكيف؟
إذا أردت أن تتحدث أمام غيرك من الناس فمِن الهام والضروري أن تحدد من أين ستبدأ؟
تى؟ وكيف ستنتهي؟
عبّر لكن بشروط!
من حقك أن تعبِّر عن ذاتك وفكرتك لكن بشروط منها: الإخلاص ومراعاة الآداب والمصلحة العامة، والبعد عن الخيلاء والرياء والانتصار للنفس.
نمِّ ذاتك..
ابذل جهدًا في تنمية ذاتك ولا تقف محلك دون تقدم والناس من حولك يتقدمون.. فالمسلم مطالب بالبذل والسعي.. (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)) (التوبة).
استفد من الماضي
من الضروري أن تستفيد من الماضي في تقييم أمورك وسائر أحوالك.. فتنظر إلى الإيجابيات بعين الاطمئنان والرضا فتنميها، وتنظر إلى السلبيات فتعالجها وتمحوها.
الوصيّة
لتكن وصيتك دائمًا مدونة ومسجلة بتفاصيل وأخبار دقيقة، ولتحرص على تسجيل حقوق العباد فيها من التزامات مالية أو غيرها، وكذلك تسجيل حقوقك لدى العباد، ولا تنس أن تدون في وصيتك أن تُدفن مع الصالحين، وألا يقام حال وفاتك ما يغضب الله رب العالمين..
كما يجب أن تدرب زوجك وأولادك على مثل ذلك السلوك، ولتكن الوصية في مكان بالدار معروف لأهلها من الزوجة والأولاد، أو الأم والوالد والأشقاء، واحرص على عدم نسيان شيء في الوصية.
تذكّر خروج الروح
تذكر باستمرار لحظات الاحتضار وخروج روحك إلى بارئها العزيز الغفار..
فهذه اللحظات من وقتها يكون المصير قد تحدَّد إما إلى جنة أو إلى نار..
(وَالْتَفَّتْ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)) (القيامة).
كن معتدلاً
احذر باستمرار من الإفراط والتفريط في كلِّ أمور حياتك، وكن دائمًا وأبدًا وسطيًّا معتدلاً، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه..(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة: من الآية 143)، (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (آل عمران: من الآية 159).
كن حامدًا
الزم الحمد وكن من الحامدين.. واعلم أن في الحمد سعادة للزاهدين والعارفين وهو دأب الصالحين المهديين..واعلم أن كل مسلم عاقل راشد رشيد كيّس فطن يسعد دائمًا في بيت الحامدين..
فهو بيت فيه تسمو النفوس من جديد لترقى بإنسانيتها رُقي تجديد..تُغسَل القلوب فيه بماء وردٍ وطيب؛ فتنتعش فيه انتعاش المتلهف إلى رضوان الله الحبيب في جنات الخلود، هناك حيث الطيب وكل الجديد. فشمر الساعد، واحمد الواحد، وأسرع إلى الرب الحميد.
الزم كتاب الله
احرص على أن تحمل كتاب الله دائمًا في جيبك أينما ذهبت وحيثما ترحلت.فعيب عليك أن تكون مسلمًا وتسير على الأرض بلا قرآن تحمله بين جنبيك، وقد جعلته لحياتك النور والدستور في شتى مناحيها.(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) (الإسراء).
ادرس أفكارك
ادرس أفكارك وقراراتك جيدًا قبل عرضها على الآخرين، واعلم أنه ما خاب من استشار، وما ندم من استخار.
استفتح
استفتح يومك بالجد والجديد والعزم الرشيد على هجر المعاصي بعزم أكيد.. واصرف وقتك في كلِّ ما هو نافع ومفيد.. واحذر المسلسلات والأفلام وإضاعة الأوقات فيها، فهي تقرِّبك خطوات أكيدة من حبائل الشيطان الذي يكيد لك ويكيد.
دارُك والمسجد
احرص أن يكون دارك قريبًا من المسجد، ففي ذلك عون كبير لانتصار النفس على قيودها.
ازهد
مارس عبادة الزهد والتقشف..فإن النعمة لا تدوم واجعل لك يومًا ولو كل أسبوعين، لا تأكل فيه إلا الضئيل والبسيط وغير المعتاد من الطعام والشراب.واستشعر يومها ما يعانيه إخوانك من مسلمي فلسطين والعراق وإفريقيا وكل مكان..كم أنت منعَّم وفي رغد عظيم وسعة من الله الواسع العظيم..؟
واعلم أنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، لا تنسهم بدعاء وفير تظهر آثاره عليهم بخير كثير، وتلقي به من رب العباد الجزاء الجزيل.
ليكن لك مكتبة
احرص على تكوين مكتبة داخل بيتك تتنوع ما بين الجانب الثقافي والعلمي والاقتصادي والمالي والروحي والديني والاجتماعي من كتب ومجلات وبحوث رائدات، وذلك لتنمية ذاتك وتطويرها أنت وأهل بيتك واجعل الكتاب والمجلة لك صديقًا.
واحذر الكتاب الذي يهدم دينك ويحارب نبيك.. وإذا أردت اقتناءه فلا بأس؛ ولكن بغرض معرفة على أي المحاور يحارب دينك ويناهض فكرتك، وكن في ذلك على حذر، ونوه أهل بيتك إلى مثل هذه الكتب الهدامة.
خاتمة:
اللهم أحيي قلوبنا وروحنا بنور معرفتك ومحبتك، وأحيي أجسامنا وجوارحنا بنور عبادتك ولزوم طاعتك ودوام خدمتك، وأن ترزقنا حسن القيام بحقك، وتملأ أيدينَا من طيب رزقك، وتشملنا بخَفِيِّ لطفك، وتُملِّكنا زمام أنفسنا حتى نقودها إلى ما فيه رضاك ونيل القرب منك، وطهرنا من دنس المخالفات والشهوات، وآتنا رحمة من عندك، وعلِّمنا من لدنك علمًا، وهب لنا حكمة وحكمًا، وعافنا من سخطك وغضبك ومن جميع أنواع البلاء، واحفظنا من شرار سوء خلقك وشرورهم ومن الشرور كلها ومن جميع البليات والمحن، وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعلنا من الربانيين، وهب لنا فضلاً عظيمًا، وكفّر عنا سيئاتنا، وأدخلنا مدخلاً كريمًا يا أرحم الراحمين.