abdelouahed
عدد المساهمات : 778 تاريخ التسجيل : 26/04/2014 العمر : 58 الموقع : ولاية بشار
| موضوع: الأحكام قبل الأعمال الأربعاء يونيو 04 2014, 17:52 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
هذا طريق يلجأ إليه بعض المتشائمين الذين يرون السواد القاتم في كل شيء، وينبعث منه الخوف والتردد واليأس، ويتجنبه بعض المتفائلين الذين يرون في كل أمر البياض والإشراق، وطاقة لإثارة الحماس والعزم. والمألوف والمعروف في عالم الفكر والرأي، ولدى المستنيرين خاصة، أن تنجز الأعمال المختلفة وأن تؤدى المهمات المتباينة، وأن تنهي البرامج، وفق مناهج محددة وأهداف معينة، ثم يأتي –بعد ذلك- التحليل والتعليل وإصدار الأحكام المناسبة، إما بالسلب، وإما بالإيجاب، بالصواب أو بالخطأ، بالنقص أو الكمال...هذا الأسلوب معمول به في ميدان التعبير عن الفكر والرأي والنصيحة، اللهم إذا تدخلت عوامل الأنانية والرغبة في الظهور لأجل الشهرة على حساب ظلم الآخرين، عندئذ يتحول الأسلوب إلى نوع من الاعتداء المقصود، ويلبس ثياب الدفاع عن الحق والحقيقة التي يمتلكها وحده، والمأهل على الصواب في الرأي والتصور والحكم.
لكن عندنا هناك خروج من البعض عن هذا المألوف والمعروف بدافع من عاطفة التشاؤم الذي أصبح يقود إلى تسبيق الأحكام على الأعمال من جانب هؤلاء المتشائمين الذين يملأ ضجيجهم الساحة الفكرية والمخططات الإنمائية في شتى القطاعات، وما أكثر ما تكون السرعة في إصدار الأحكام التي تتسم بالعجلة والعدوانية، فبمجرد أن يتولى شخص مهمة أو مسؤولية –ما- وقبل أن يبدأ القيام بما أسند إليه، وقبل أن يضع فكره في القضايا التي تنتظره، وقبل أن يفتح صفحة الملفات المعروضة عليه، وقبل أن يمد يديه ويرسل عينيه في المكلف به، تنهال عليه الأحكام من هنا وهناك وكلها تحاول إثارة اليأس والخوف والانحراف والتقصير، وتتهم بالعجز والخروج عن المطلوب، بينما كانت الحكمة الراجحة والرأي المستقيم والنافع أن يترك ذلك الشخص، يعمل ما يستطيع عمله ثم تنطلق الأحكام بناء على نتائج ما ينجز من أعمال، فإن كانت سلبية حقت الدعوة إلى التراجع عنها وتصحيح المسار الذي كانت عليه، وإن كانت إيجابية استحقت التشجيع على المواصلة والثناء عن الجدية التي رافقتها ولكن عندنا متشائمين يستعجلون إصدار الأحكام، ويرسلونها، بدون حجة قبل الشروع في تلك الأعمال، وبعضهم يميل إلى إصدار حكمه على الشخص الذي أسند إليه العمل أو المهمة، من حيث اللباس والشكل الخارجي والصورة التي يكون عليها في بعض الأوضاع، من غير أن يتطرق الحكم إلى الكفاءة العلمية، والقدرة الفكرية والعملية في الميدان، وفي هذا الموقف النقدي ظلم واضح للذين تسند إليهم مهمات ثقيلة تتصل بمطامع ومصالح المجتمع بأكمله، نرى أن ظاهرة التشاؤم تفسد على المتشائم النظرة الموضوعية الوجيهة في شؤون الدنيا، كما تبعد الأحكام الراجحة عن طريقها القاصدة إلى تبيان الحق من الباطل، وهناك قوم بيننا غادرتهم جاذبية التفاؤل المعينة على اجتياز أنهار ومتاعب الزمن المتغير، رغم أن ديننا الإسلامي الحنيف يرغب في التفاؤل لما فيه من حسنات توقع الجميل والرائع والأحسن.
وقد شاع عندنا تسبيق الأحكام على الأعمال بكيفية ملحوظة، وانتشر في موضوعات صحفية، وحوارات تلفزية، وهذا الموقف مما يشجع على الاتجاه إلى التهجم والتشكيك في النوايا والتصورات قبل أن تعانق الميدان العملي، وتقدم البرهان في مدى ما يكون فيها من الصدق والصواب، والفئة المستنيرة عن وجود مثل المنهج الخاطئ، ومسؤولة أيضا عن ركوب هذا التيار الذي يقصد إلى جني الثمار قبل أن يغرس الأشجار، وأن يحصد الحقول قبل أن يزرعها، أليست هذه الظاهرة غريبة وموقعها شاذ في الميدان الفكري والثقافي، ومن الصواب الأكيد انتظار الأعمال تجري ثم تتبعها الأحكام الموضوعية. منقول. |
|
| |
|