حاورت الشيطان الرجيم في الليل المظلم.. فلما سمعت أذان الفجر أردت الذهاب إلي المسجد.
فقال لي: عليك ليل طويل فارقد.
قلت : أخاف أن تفوتني الفريضة.
قال : الأوقات طويلة عريضة.
قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة.
قال:لا تشدد علي نفسك في الطاعة
فما قمت حتى طلعت الشمس........
فقال لي في همس:لا تأسف علي ما فات فاليوم كله أوقات.
وجلست لآتي بالأذكار ففتح لي دفتر الأفكار.
فقلت:لقد شغلتني عن الدعاء.
قال:دعه إلي المساء.
وعزمت علي المتاب،فقال :تمتع بالشباب.
قلت:أخشي الموت
قال :عمرك لا يفوت..........
وجئت لأحفظ المثاني
قال:روح عن نفسك بالأغاني.
قلت :هي حرام.
قال :لبعض العلماء كلام.
قلت: أحاديث التحريم عندي في صحيفة.
قال: كلها ضعيفة.
ومرت حسناء فغضضت البصر..
قال :ماذا في النظر؟
قلت :فيه خطر.
قال:تفكر في الجمال؛ فالتفكير حلال.
وذهبت إلي البيت العتيق، فوقف لي في الطريق...
فقال : ما سبب هذه السفرة؟
قلت:لأخذ عمرة..
فقال:ركبت الأخطار بسبب هذا الاعتمار، وأبواب الخير كثيرة، والحسنات غزيرة..
قلت:لابد من إصلاح الأحوال.
قال :الجنة لا تدخل بالأعمال.
فلما ذهبت لألقي نصيحة.......
قال:لا تجر إلي نفسك فضيحة.
قلت: هذا نفع العباد.
فقال :أخشي عليك من الشهرة، وهي رأس الفساد.
قلت:فما رأيك في بعض الأشخاص؟
قال : أجيبك على العام والخاص.
قلت : أحمد بن حنبل؟
قال :قتلني بقوله : عليكم بالسنة والقرآن المنزل.
قلت:فابن تيمية ؟
قال:ضرباته علي رأسي باليومية.
قلت:فالبخاري؟
قال:أحرقَ بكتابه داري.
قلت:فالحجاج ؟
قال:ليت في الناس ألف حجاج، فلنا بسيرته ابتهاج، ونهجه لنا علاج.
قلت :فرعون؟
قال:له منا كل نصر وعون.
قلت:فصلاح الدين بطل حطين؟
قال :دعه؛ فقد مرغنا بالطين.
قلت: أبو جهل ؟
قال:نحن له إخوة وأهل.
قلت :فأبو لهب؟
قال: نحن معه أينما ذهب.
قلت :فالمجلات الخليعة ؟
قال:هي لنا شريعة.
قلت :فالدشوش ؟
قال :نجعل الناس بها كالوحوش.
قلت :فالمقاهي؟
قال:نرحب فيها بكل لاهٍ.
قلت :ماهو ذكركم؟
قال: قال الأغاني
قلت : وعملكم؟
قال:الأماني.
قلت :وما رأيكم بالأسواق؟
قال:علمنا بها خفاق، وفيها يجتمع الرفاق.
قلت :كيف تضل الناس؟
قال: بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات.
قلت:كيف تضل النساء؟
قال:بالتبرج والسفور وترك المأمور وارتكاب المحظور
قلت:فكيف تضل العلماء؟
قال:بحب الظهور والعجب والغرور وحسد يملأ الصدور
قلت :كيف تضل العامة؟
قال:بالغيبة والنميمة والأحاديث السقيمة وما ليس له قيمة
قلت: فكيف تضل التجار؟
قال:بالربا في المعاملات ومنع الصدقات والإسراف في النفقات
قلت:فكيف تضل الشباب؟
قال:بالغزل والهيام والعشق والغرام والاستخفاف بالأحكام وفعل الحرام
قلت:فما رأيك بدولة اليهود(إسرائيل)؟
قال :إياك والغيبة فإنها مصيبة وإسرائيل دولة حبيبة ومن القلب قريبة
قلت : فأبو نواس ؟
قال :علي العين والرأس لنا من شعره اقتباس
قلت:فأهل الحداثة؟
قال: أخذوا علمهم منا بالوراثة
قلت:فالعلمانية؟
قال:إيماننا علماني وهم أهل الدجل والأماني ومن سماهم فقد سماني
قلت:فما رأيك في الدعاة؟
قال:عذبوني وأتعبوني وبهدلوني وشيبوني يهدمون ما بنيت ويقرءون إذا غنيت ويستعيذون إذا أتيت
قلت:فما تقول في الصحف؟
قال:نضيع بها أوقات الخلف ونذهب بها أعمار أهل الترف ونأخذ بها الأموال مع الأسف
قلت:فما فعلت في الغراب؟
قال: سلطته علي أخيه فقتله ودفنه في التراب حتى غاب
قلت :فما فعلت بقارون؟
قال:قلت له احفظ الكنوز يا ابن العجوز لتفوز فأنت أحد الرموز
قلت :فما فعلت لفرعون؟
قال :قلت له يا عظيم القصر قل ؟أليس لي ملك مصر فسوف يأتيك النصر
قلت :فماذا قلت لشارب الخمر؟
قال:قلت له اشرب بنت الكروم فإنها تذهب الهموم وتزيل الغموم وباب التوبة معلوم
قلت:فماذا يقتلك؟
قال: آية الكرسي منها تضيق نفسي ويطول حبسي وفي كل بلاء أمسي
قلت:فما أحب الناس إليك؟
قال:المغنون والشعراء الغاوون وأهل المعاصي والمجون وكل خبيث مفتون
فقلت:فما أبغض الناس إليك؟
قال:أهل المساجد وكل راكع وساجد وزاهد عابد وكل مجاهد
قلت:أعوذ بالله منك فاختفي وغاب كأنما ساخ في التراب
وهذا جزاء الكذاب ...........