أصاب الناس قحط في أواخر عصر عبد الرحمن الناصر، فأمر القاضي منذر بن سعيد بالخروج إلى الاستسقاء، فتأهب لذلك واستعد، وصام قبل الخروج ثلاثة أيام، واستغفر الله من ذنبه، وأحصى حقوق الناس عليه فردّها أو سألهم السماح بها، وخرج وخرج معه الناس جميعاً رجالاً ونساءً وولداناً. وقال لصديق له وهو خارج:
: اذهب فانظر ماذا يصنع أمير المؤمنين؟ فعاد يقول: ما رأيناه قط أخشع منه في يومنا هذا، إنه لمنفرد حائر لابس أخشن الثياب، مفترش التراب، قد رمى منه على رأسه وعلى لحيته، يبكي ويستغفر ويقول: يا رب هذه ناصيتي بين يديك، فإن أذنبت أتراك تعذب الرعية بذنبي وأنت أحكم الحاكمين، وأنت قادر عليَّ لن يفوتك شيء مني؟
فتهلل وجه القاضي وقال لغلامه: اذهب فاحمل الممطر أي المشمع فقد أذن الله بالسقيا، إذا خشع جبار الأرض، فقد رحم جبار السماء.
وقام يدعو والناس يضجون بالدعاء والتوبة والاستغفار، فما انصرف حتى امتلأت السماء بالغيوم، وبلّل الناس المطر.
منقول