حينما كتبت المفكرة الألمانية "زيغريد هونكا" كتابها الرائع " شمس الله تسطع على الغرب" أظهرت للناس أجمعين أن الحضارة الإسلامية التي كان يقودها " الله " لم تكن – كما ادعى الملحدون والعلمانيون – تخاصم العلم، وتقيّد العقل، وتضيق الخناق على حرية الإبداع الإنساني...
بل أكدت بالحجة والبرهان الساطع أن الإيمان بـ "الله" كان دافعا مهما لسعي المسلمين نحو التقدم والازدهار والرقي الحضاري الذي أذهل الخصوم والأصدقاء على حد سواء...
وصدق الأستاذ الكبير محمود عباس العقاد عندما قال في كتابه "الله" :
" إن الله الذي يدين به المسلمون لم يخذلهم في حياة البادية، ولم يتركهم في حياة الحضارة ...".
لقد كان " الله " -عز وجل- رحيما بالإنسانية عندما أعطى رايته للمسلمين ليسيروا بها من مرحلة الضعف والتخلف والجاهلية إلى مرحلة الاشتداد والاستواء والهداية...
والغريب أن بعض مؤرخي الحضارة من الغربيين نظروا إلى التاريخ الإسلامي بعين "الحروب المقدسة" إذ حاولوا دائما في كتاباتهم غير البريئة أن يمحوا هذه الحقائق النيرة بجرة قلم..!
إن معجزة الإسلام الكبرى التي صنعها في جزيرة العرب هي أنه استطاع في بضع سنين أن يحوّل العرب الذين كانوا قبائل موزعين بين الولاء للفرس والولاء للروم، من رعاة إبل وغنم، إلى قادة للأجناس والأمم، لهم الريادة وبيدهم السيادة...
بيد أن من نكد الزمان اليوم أن يحشر بعض المنتسبين للإسلام –قولا- جملة من التهم تطال الدين الإسلامي والتشريع والمشرع "الله" فيدعون زورا وبهتانا أن سبب تخلفنا وتدهور أوضاعنا في كثير من المجالات الحضارية مرده إليهم...!
والحق أن سبب تخلفنا وانهزامنا الحضاري مرجعه أساسا إلى ابتعادنا عن الله ودينه وأحكامه..ولو أنهم أرادوا أن يصدقوا لقالوا هذا...ولكن عين الساخط تُوجد المساوئ وتكبرها، وتخفي المحاسن وتغوِّرها..!
ورحم الله الأستاذ الكبير إبراهيم بن علي الوزير الذي أشار إلى نقطة مهمة لعل دعاة مخاصمة الدين باسم العقل والعلم يفقهونها حين قال في كتابه المشترك "هموم وآمال إسلامية ":
" العقل والعلم وحدهما لا يكفيان لقيام حضارة..ولهذا لابد من التركيز دائما على أن حضارتنا تدعم العقل والعلم بهدي الوحي ونوره".
يجب على المسلمين في الوقت الحاضر أن يعيدوا حركة التاريخ الإسلامي إلى مسارها الصحيح من خلال السير خلف "الله" من جديد، فهو الموصل وحده إلى القمة الشماء...قمة الحضارة التي تنشر خيرها على الإنسانية كلها في كل مكان وزمان...فليتهم يفقهون ذلك..!
منقول