هل الأمة لا تستوعب الأخطار الكثيرة والمؤامرات العديدة المحيطة بها؛ نظرا لكثرتها واستمرارها، وتعددها، وتجددها، وتنوع مصادرها، وأنها كل يوم تأخذ أشكالا مختلفة، وأساليب عديدة تتطور وتتلاءم يوميا، وأيضا لأن المخططات تتحرك وتسير في عدة مسارات، وتشرف عليها وتمولها عدة دول ومنظمات صليبية (أو مسيحية)، وصهيونية (يهودية)، وشيوعية ملحدة·
فنحن نعيش في حروب متواصلة، تهدف القضاء ليس فقط على مصدر قوة الأمة الإسلامية في منهجها وأخلاقها، باستعمال أساليب الغزو الفكري التي تطعن في ثوابت الأمة الإسلامية، وتهاجم أصول الدين، بمهاجمة كتاب الله تعالى، والتشكيك في السنة النبوية، والطعن في الصحابة الكرام، وإضعاف اللغة العربية، وتشويه التاريخ الإسلامي، وإفساد المرأة لتفكيك الأسرة وهدم المجتمع، مع دعم الفرق المنحرفة (كالروافض الشيعة، أو القاديانية، والبهائية، أو نشر المذاهب المعاصرة كالعلمانية والشيوعية وتشجيعها، وتقويتها وتقوية كتابها وأتباعها لهدم الدين، وزعزعة ثوابت الأمة·
مؤامرات وتكالب
مع العلم أن هذه المؤامرات والخطط توصلوا إليها بعد دراسات طويلة بعد هزيمة الدول الغربية في الحروب الصليبية، ووصلت الدول الصليبية ـ التي انهزمت بعد 200 عام من الحروب المتواصلة ـ لنتيجة أنها لن تستطيع إلحاق الهزيمة بالمسلمين عسكريا، إلا إذا هزمتهم نفسيا ومعنويا وإبعادهم عن منهجهم، وعملت مع إسقاط دولة الخلافة على تقسيم بلاد المسلمين، وتوزيعها على الدول الغربية الكبرى؛ لإضعاف دول الإسلام باستمرار ونهب خيراتها، وحتى بعد انسحابها عسكريا من الدول التي احتلتها، لم تنسحب إلا بعد أن تركت حكومات تخدم مصالحها، وتنسق معها، وقد تدين لها بالولاء·
بل وتهدف هذه المؤامرات إلى القضاء على صحة الأمة، وليس استئصال قوتها وشأفتها فقط، وتجعلها باستمرار معتمدة في اقتصادها، وزراعتها وإنتاج غذائها، وصناعتها كتصنيع مواصلاتها، ودوائها، وأسلحتها على الدول الكبرى، والتي تستعمل تقنيات حديثة ومتطورة، وتحرم منها بقية الدول خاصة الإسلامية، ووصل الأمر ليس فقط في استخدام الأسلحة التقليدية، والكيمائية، بل يتم استعمال جميع أنواع الأسلحة والأساليب القذرة، كإغراق البلاد بالمخدرات والمواد المسرطنة، فضلا عن الإعلام الهابط والفن العفن؛ لإضعاف المسلمين باستمرار، وتم اكتشاف أيضا استخدامهم الغذاء كسلاح، ويسمونه السلاح الأخضر، لتدمير صحة أبناء الأمة الإسلامية، فيتم تصدير أغذية ومحاصيل في شكل معونات أو مساعدات أو سلع مخفضة، وهي مطعمة بأنواع من الميكروبات أو الفيروسات يصعب استكشافها إلا بعد فترة طويلة، ولكن بعد أن تصيب المخ بالغباء والبلادة، والجسم بالكسل والخمول· أو يتم تعويد بعض البلاد ـ التي لا تنتج أغذيتها ـ على أغذية جديدة يصعب عليها إنتاجها، ويتم التحكم لاحقا في أسعارها، أو يتم التحكم بذلك في جميع المجالات والصناعات للوصول للهزيمة النفسية والمعنوية للمسلمين، إضافة للعسكرية·
والمستغرب أن الأمة ـ حاليا ـ لا تستطيع مسايرة هذه الخطط أو دفعها، ولا يمكن لها اكتشاف هذه المخططات إلا بعد أن تظهر على السطح، وتكون قد حققت معظم أهدافها، ودور الأمة اختزل في مجموعة ردود أفعال غير مدروسة، ومتسرعة، ويتم تحقق أحلام وأطماع الدول الغربية التي وضعت منذ فترات طويلة، مثل: زرع الكيان الصهيوني، وحمايته وإقامة دولته، وتنفيذ مخططات تقسيم السودان، وتفكيك العراق والشام، وتقسيم ليبيا واليمن، وإضعاف وتفتيت مصر، وغيرها من خطط وضعت منذ عشرات السنين، ويستيقظ المسلمون ـ الذين يساهمون أو يساهم بعضهم أحيانا بضعفهم أو سذاجتهم ـ في تنفيذ تلك المؤامرات، ولكن بعد فوات الأوان·
فهل ينتبه المسلمون لخبث المكر، وقوة التخطيط، وكثرة المؤامرات المحيطة بهم، وهل يستيقظون للمخططات التي تستهدفهم لتحقيق المزيد من الفرقة، والتنازع والتقسيم، وهل يلجؤون للاعتصام بحبل الله تعالى، ويتمسكون بما تمسك به الأولون؛ لكي يستحقوا أن يتزل عليهم نصر الله تعالى القائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) سورة محمد·
منقول